فذكّرته ثمّ عاتبته |
|
عتابا رفيقا وقولا جميلا |
(فألفيته غير مستعتب |
|
ولا ذاكر الله إلا قليلا) (١) |
سبب هذا الشعر أن رجلا من بني سليم يقال له نسيب بن حميد ، كان يغشى أبا الأسود ويتحدث إليه ، ويظهر له محبة شديدة. ثم إن نسيبا قال لأبي الأسود : قد أصبت مستقة (٢) أصبهانية : وهي جبّة فراء طويلة الكمّين ، فقال له (٣) أبو الأسود : أرسل بها إليّ حتى أنظر إليها. فأرسل بها ، فأعجبت أبا الأسود ، فقال لنسيب بعنيها بقيمتها ، فقال : لا بل أكسوكها. فأبى أبو الأسود أن يقبلها إلا شراء. فقال له : أرها لمن يبصرها ثم هات قيمتها. فأراها أبو الأسود فقيل له : هي ثمن مائتي درهم ، فذكر ذلك لنسيب ، فأبى أن يبيعه ، فزاده أبو الأسود حتى بلغ الثمن مائتي درهم وخمسين درهما فأبى نسيب بيعها وقال : خذها إذا هبة (٤).
__________________
(١) ديوان أبي الأسود ص ١٢٢ ـ ١٢٣ من مقطوعة في ستة أبيات قالها في امرأة تزوجها ثم طلقها. كما وردا في ديوانه ـ نفائس المخطوطات ٤٩ وفي ديوانه للدجيلي ٢٠٣ والرواية فيها جميعا (ولا ذاكر) بفتح الراء. ورواية النحويين بكسر الراء لأنه أراد (ولا ذاكر الله) فحذف التنوين لاجتماع الساكنين وترك النصب على حاله.
وروي الثاني لأبي الأسود في : اللسان (عتب) ٢ / ٦٧ و (عسقل) ١٣ / ٤٧٤
(٢) فارسية معرّبة ، أصلها مشته. وجمعها مساتق. الصحاح (ستق) ٤ / ١٤٩٤ وشفاء الغليل ٢٣٨
(٣) (له) ليست في المطبوع.
(٤) هذه مناسبة الأبيات عند ابن السيرافي. ويبدو لي أن نسيبا هذا حقيق بمدح أبي الأسود لما كان من إيثاره وترفعه ، ولكن قصة الأبيات ما ذكره صاحب الأغاني ١٢ / ٣١٠ ومثل ذلك في ديوانه (آل ياسين) ص ١٢٢ وفي ديوانه (الدجيلي) ص ٢٠٣ من أن امرأة جميلة عرضت على أبي الأسود الزواح منها ، بعد أن ذكرت له من حسن صفاتها ما رغّبه