في الوصف الثاني أن يكون مما يجوز فيه القلب والتقديم على الأول. ثم قال : «وسمعناهم يقولون : هذه شاة ذات حمل مثقلة به» فرفعوا (مثقلة) وجعلوه وصفا ل (شاة) ، والضمير المجرور المتصل بالباء يعود إلى (الحمل) ولا يجوز أن يقال فيه : هذه شاة مثقلة به ذات حمل. وقد سمع منهم الرفع.
ثم أنشد بيت حسان :
(ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتم |
|
وفينا نبيّ عنده الوحي واضعه) (١) |
الشاهد (٢) فيه أن (واضعه) وصف ل (نبيّ) وهو مضاف إلى ضمير (الوحي) ، وقوله (عنده الوحي) وصف ل (نبي) و (واضعه) وصف آخر. ولو قدمه فقال : وفينا نبيّ واضعه عنده الوحي ، لم يجز. وقد أتى وصفا مرفوعا غير معتبر فيه القلب ، فدل هذا على صحة ما ذهب اليه سيبويه وفساد ما ذهب إليه أصحاب القلب.
وزعم أبو العباس أن الضمير المضاف إليه (واضع) يعود إلى (الذي) وليس يعود إلى (الوحي) ، (وأبو العباس لا يرى أن اعتبار القلب صحيح ، وإنما ردّ الاستشهاد بالبيت لأن عنده ؛ أن الضمير لا يجوز أن يعود إلى الوحي) (٣) لأن النبي عليه السلام لا يجوز أن يضع الوحي وإنما يضع ما صنع القوم ، أي يخبر
__________________
(١) ديوان حسان ق ٣٥ / ٤ ص ١٣١ من قصيدة قالها حسان يهجو طعمة بن أبيرق ، وكان سرق درعي حديد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر خبر طعمة في : ديوان حسان ٢ / ١١٤ والمعارف ٣٤٣
(٢) ورد الشاهد في : النحاس ٥٩ / ب والأعلم ١ / ٢٤٢ والكوفي ٢٠٣ / ب.
(٣) ما بين القوسين ساقط في المطبوع هنا ليوضع عنده في غير موضعه (انظر حاشية الصفحة السابقة).