صقر صائد به وصائدا به ، حتى انتهى إلى أن قال : وأما قولهم ، فهذا لا يكون فيه وصف ولا يكون إلا خبرا فهو باطل. يعني أن قوما من النحويين يزعمون أن الوجه أن تقول : مررت برجل معه صقر صائدا به ، فتنصب (صائدا) على الحال ولا تجعل (صائدا) وصفا ل (رجل) (١).
وقالوا : الوصف يمتنع ، لأنّا لو قلبنا فقدمنا (صائدا) قبل قولنا (معه صقر) لم يصلح أن نقول : مررت برجل صائد به معه صقر ، نقدّم الإضمار قبل الذكر. يريدون : إضمار صقر قبل جري ذكره. ويحتج لمذهبهم فيقال : (معه صقر) وصف ل (رجل) و (صائد به) وصف آخر. والموصوف إذا كانت له صفتان ، فليست إحداهما بالتقديم أولى من الأخرى ، فنحن إن أجزنا الجرّ في (صائد) على الوصف ل (رجل) فالصفتان إذا اجتمعتا ، جاز أن تتقدم كل واحدة منهما صاحبتها.
فجائز على هذا أن يقدّم (صائد) على (معه صقر) وإذا قدمنا فسد الكلام للإضمار قبل الذكر. فأراهم سيبويه أنه قد ثبت في الكلام نظائر لما أنكروا ، من ذلك أنهم يقولون : مررت برجل حسن الوجه جميله ولا يقال : مررت برجل جميله حسن الوجه.
ومضى في الاحتجاج عليهم إلى أن قال : «فأما القلب فباطل». يريد اعتبارهم
__________________
(١) في المطبوع : لصقر. فغفل عن تصويب الناسخ على الهامش من جهة ، وعن فساد المؤدّى من جهة أخرى.
وأعجب من ذلك إقدام محقق المطبوع في هذا الموضع على ايراد نص يتعلق ببيت حسان التالي ؛ بلا سبب سوى اضطرار الناسخ إلى جعل ذلك النص في الحاشية .. مع أن في بعض ألفاظه دليل تبعيته للشاهد الآتي. وهو قول ابن السيرافي : «وأبو العباس لا يرى أن اعتبار القلب صحيح ، وإنما رد الاستشهاد بالبيت لأن عنده ؛ أن الضمير لا يجوز أن يعود إلى الوحي»!