وهذا الإنشاد على مذهب بني تميم ، جعل (أنا) مبتدأ و (عارف) خبره و (كلّ) منصوب ب (عارف).
وأما أهل الحجار فإنهم يعملون (ما) في (كلّ) ويرفعون (كلّ) بها ، ويجعلون قوله : (أنا عارف) جملة في موضع الخبر. ويعود إلى اسم (ما) الضمير المحذوف ، يريد : أنا عارفه.
وتعرّفها بمنزلة اعرفها ، والمنازل : منصوب على الظرف. يريد : اعرفها مكانها في المنازل من منى ، وما كلّ من وافى منى أنا عارف : موضعه الذي ينزل فيه. وتعرّفت بمعنى عرفت. ومثله بيت طريف (١) العنبري :
فتعرّفوني إنّني أنا ذاكم (٢)
__________________
(١) طريف بن تميم العنبري التميمي أبو عمرو ، شاعر مقل ، لم يكن يتبرقع في عكاظ كما كانت تفعل الفرسان مخافة الثؤرة. قتله حمصيصة الشيباني في يوم مبايض.
انظر : أسماء المغتالين في نوادر المخطوطات ٦ / ٢١٨ وما بعدها والبيان والتبيين ٣ / ١٠١ وحاشيتها ومجمع الأمثال (يوم مبايض) ٢ / ٤٤٢ والكامل لابن الأثير ١ / ٣٦٧
(٢) سيرد البيت عند ابن السيرافي بعد فنتحدث عنه في حينه. وتتمته :
(شاك سلاحي في الحوادث معلم)
ـ وقد ورد الشاهد في : سيبويه ثانية ١ / ٧٣ والنحاس ١٤ / ب و ٢٩ / أوالأعلم ١ / ٣٦ والكوفي ٥٠ / أوالمغني ش ٩٥٩ ج ٢ / ٦٩٤ وأوضح المسالك ش ١٠٥ ج ١ / ٢٠١ والسيوطي ش ٨٦٩ ص ٩٧٠ والخزانة ٣ / ٤٣ ، ورواية سيبويه بنصب (كلّ) فلم يعمل (ما) على اللغة التميمية.
وأشار إلى أنها رويت بالرفع بإعمال (ما) على اللغة الحجازية. انظر الكتاب ١ / ٣٦