الخبر حسن حمله على اللغة التميمية ، كأنك لم تذكر (ما) وكأنك قلت : زيدا أنا ضارب» (١).
يريد أن لغة أهل الحجاز لا يصلح فيها تقديم خبر (ما) على اسمها ، لأنها عاملة ك (ليس) و (ليس) لا يجوز أن يقدّم مفعول خبرها على اسمها ، و (ما) هي مشبّهة ب (ليس) في عملها ، فإذا كان هذا لا يجوز في (ليس) فهو في (ما) أبعد.
وأما بنو تميم فإنهم لا يعملون (ما) ويجعلون ما بعدها مرفوعا بالابتداء ، ويكون الكلام بمنزلة جملة لم يدخل عليها حرف نفي. وقد يجوز قبل دخول (ما) : زيدا عمرو ضارب ، فكذا يجوز بعد دخولها أن تقول : ما زيدا عمرو ضارب ، فيكون (عمرو) رفعا بالابتداء ، و (ضارب) خبره ، و (زيدا) مفعول ضارب ، وقد تقدم.
وقال مزاحم العقيليّ :
(وقالوا تعرّفها المنازل من منى |
|
وما كلّ من وافى منى أنا عارف) (٢) |
__________________
(١) عبارة سيبويه : «.. لأنه لا يستقيم كما لم يستقم .. حسن حمله على اللغة التميمية ، كأنك قلت : أما زيدا فأنا ضارب ، كأنك لم تذكر أمّا ، وكأنك لم تذكر ما ...».
(*) ورد البيت في أبيات لمزاحم العقيلي في (فرحة الأديب ٢ / ب) وقد تقدم. كما أورده الغندجاني ثانية في هذا الموضع يردّ على ابن السيرافي ، فقال بعد أن أورد البيت :
«قال : تعرّفها مثل اعرفها ، وما كلّ من وافى منى أنا عارف : موضعه الذي هو نازل فيه.
قال س : غلط ابن السيرافي في قوله (وقالوا) وإنما هو (وقالا) وقبل البيت :
ووجدي بها وجد المضلّ بعيره |
|
بمكة لم تعطف عليه العواطف |
رأى من رفيقيه جفاء وفاته |
|
بفرقتها المستعجلات الخوانف |
فقالا : تعرّفها المنازل من منى |
|
وما كلّ من وافى منى أنا عارف ـ |
ـ «وتعرفها : معناه انشدها ، وتفسير ابن السيرافي البيت يتوّه الإنسان ، فيتوهم أن قوله (أنا عارف) يعبر به مزاحم عن نفسه ، وإنما ذكر ذلك حكاية عمن أضل بعيره ، وقد مر ذكره في البيت الأول من هذه الأبيات الثلاثة ، فاعرفه إن شاء الله».
(فرحة الأديب ٥٧ / ب)
وروي البيت في أبيات لمزاحم في : شرح شواهد المغني للسيوطي ٩٧٠ وبلا نسبة في : اللسان (عرف) ١١ / ١٤٢ و (علم) ١٥ / ٣١٣