كأنه قال : ووجدي بها وجد مثل وجد المضلّ ، كما تقول : شربك شرب الإبل ، أي مثل شرب الإبل.
وجدوى : اسم امرأة ، والتكاليف : جمع تكلفة وهو ما يتكلفه الإنسان ويفعله على مشقة ، وتشقه : يدعوه حبها إلى أن يشتاق إليها ، وتجهده التكالف : تحمله على جهد ، ونخلة : موضع معروف بنواحي تهامة موضعان : يقال لأحدهما نخلة اليمانية ، والآخر نخلة الشامية (١) ، والمضل : الذي أضلّ بعيره. يقال : أضللت بعيري ، إذا لم تعرف موضعه الذي ذهب (٢) إليه. يقول : لم تعطف عليه العواطف : أي لم يرقّ له أحد ولم يعنه على طلب بعيره ، ولم يحمله بعير من إبله. والعواطف : جمع عاطفة ، ويراد بها في البيت الصداقة والرحم والمودة والصحبة وما أشبه (٣) هذا ، فلذلك جمعه على فواعل ، وفواعل من جمع المؤنث. المعنى أنه وجد بمفارقته لها ، كما وجد الذي ضل بعيره في هذا الموضع.
[في إعمال (ما) وإلغائها]
١٩ ـ قال سيبويه (١ / ٣٦) في باب الإضمار في (ليس وكان) : «ولا يجوز أن تقول : ما زيدا عبد الله ضاربا ، وما زيدا أنا قاتلا ، لأنه لا يستقيم في (ما) كما لم يستقم أن تقدّم في (كان وليس) ما يعمل فيه الآخر ، فإن رفعت
__________________
(١) هما عند الزمخشري واديان لهذيل في طريق مكة على ليلتين. أما عند ياقوت فنخلة الشامية واديان لهذيل ، أما نخلة اليمانية فهو الوادي الذي عسكرت فيه هوازن يوم حنين ، ويجتمع بوادي نخلة الشامية في بطن مرّ. انظر : الجبال والأمكنة ص ٢١١ ومعجم البلدان ٤ / ٧٦٩ ، ٧٧٠
(٢) هذا إن ضلّ البعير طليقا ، أما إذا كان معقولا ولم تهتد لمكانه قلت : ضللت.
أساس البلاغة (ضلل) ٥٥٦
(٣) يرى صاحب اللسان أن المراد بالعواطف هنا : الأقدار. (عطف) ١١ / ١٥٥ قلت : ويصح أن يراد بها : النفوس العاطفة ، أي الحانية.
ـ وقد ورد الشاهد في : النحاس ٥٣ / أوالأعلم ١ / ١٨٤ والكوفي ٢٦ / أوالخزانة ٣ / ٤٣