محذوفا تقديره : أنت الهالك ولا يجوز أن يجعل (فانظر) خبرا ل (أنت). وقد ذكر سيبويه السبب الذي منع من ذلك. ويروى :
أرواح مودّع أم بكور |
|
لك فاعمد لأيّ حال تصير |
وقوله : أرواح مودع ؛ الفعل للرواح ، يقول : أرواح يودعك ، أي يكون آخر الأوقات التي تنتهي حياتك إليها. فالرواح ترد عليه لأنك تفارق أوقات الدنيا بعده ؛ أم بكور يودعك.
يقول : أنت هالك لا شك فيه ولا مرية ، ولا بد من أن تنتهي حياتك إلى أمد وتنقطع ، فيجوز أن يكون انقطاع الأمد في وقت البكور أو في وقت الرواح وما بينهما ، فقرب من أحدهما فهو في حكمه.
يعظ عدي بن زيد بهذا النعمان بن المنذر ويقول : إن الموت لا بد من نزوله ، فاعمل لآخرتك فإنك منته إلى أن تفارق الدنيا وتحصل على عملك.
وفي إعراب هذا البيت وجوه تذكر إن شاء الله.
__________________
مثل هذا أنت. وقد استبعده سيبويه لانك تشير للمخاطب إلى غيره. وقد أخذ ابن السيرافي بالوجه الثاني ، وهو حسن للمعنى.
أما القرطبي فقد جعل (أنت) خبرا للرواح ، وقد تكون على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه كأنه قال : أذو رواح أنت أم ذو بكور.
ثم ذكر وجها أفضل جعل فيه (رواح) مبتدأ خبره محذوف. كأنه قال :
أرواح مودع أم بكور آخر عهدي بالدنيا ، فانظر أنت فانظر لأي ذاك تصير.
وأجاز الأعلم أن تكون (انظر) هي الخبر ، والجملة كما هي (أنت فانظر) والفاء زائدة مؤكدة. ويبقى التقدير (أنت الهالك) أجودها للمعنى.