ولو سعى لمعيشة خسيسة كفاه (١) قليل من المال. ولو أدخل حرف النفي فقال : لو سعيت لمعيشة خسيسة ما كفاني قليل من المال لفسد الكلام.
ومثال هذا كأنه قال : لو قنعت بمقدار قوتي كل يوم كفاني مقدار شبعي. (وهذا سديد من الكلام. وكلّ على أنه لا يكفيه مقدار شبعه ولا يقنع بقوته في كل يوم.
ولو قال : لو قنعت بقوتي في كل يوم ، لم أطلب مقدار شبعي في كل يوم لناقض. لأنه لو قال : متى طلبت قوتي لم يكفني شبعي) (٢) فسد الكلام. ولهذا لم يجز أن يعمل (لم أطلب) في (قليل) لأنه كان تقديره أن (٣) يكون : متى سعيت لأدنى معيشة لم أطلب قليلا من المال ، ومن سعى لأدنى معيشة طلب القليل. ومثله قولك : لو طلبت الملك طلبت مالا كثيرا ، وهذا صحيح. ولو قال : لو طلبت الملك طلبت مالا قليلا ؛ فسد الكلام. وقولنا : ولو طلبت الملك لم أطلب مالا كثيرا ، فاسد ، لأنه يكون بمنزلة من قال : لو طلبت الملك طلبت مالا قليلا.
[في وجوب رفع المصدر]
١٨ ـ قال سيبويه (١ / ١٨٤) : «هذا باب ما لا يكون فيه إلا الرفع (٤) ، وذلك قولك : صوته صوت حمار ، وتلويحه تضميرك السابق ، ووجدي بها وجد ثكلى»
وساق الكلام إلى أن ذكر بيت مزاحم (٥) العقيلي. قال مزاحم :
__________________
(١) في الأصل والمطبوع : كفاني.
(٢) ما بين القوسين من سطور ساقط في المطبوع.
(٣) «أن» ليست في المطبوع.
(٤) وتتمة العبارة عند سيبويه : «لأنه ابتداء ، فالذي يبنى على الابتداء بمنزلة الابتداء».
أي لا يصح نصبه على المصدرية والمبتدأ لا يستغني عنه خبرا له. وأصله : وجدي بها وجد مثل وجد المضل بعيره. كما سيذكر ابن السيرافي بعد.
(٥) مزاحم بن الحارث ، وقيل : ابن عمرو والحارث جد أبيه ، العقيلي العامري.
شاعر إسلامي بدوي فصيح ، في الطبقة العاشرة عند ابن سلام (ت نحو ١٢٠ ه) ترجمته في : الأغاني (الثقافة) ١٩ / ٢٧ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٤٢٦ و ٩٧١ والخزانة ٣ / ٤٣ و ٤٥