القليل كافيا. ولو لم يرد ذلك ونصب لفسد المعنى» (١).
الشاهد فيه على إعمال الفعل الأول (٢) وهو (كفاني) ، لأن قوله (قليل) قد ارتفع ب (كفاني). ولم يجز أن يعمل الفعل الثاني وهو قوله (ولم أطلب) في (قليل) وينصبه به ، لأنه لو فعل هذا فسد معنى البيت ، وذلك أن (لو) المعنى الذي يشتمل عليه جوابها غير واقع ، لأن المعنى الذي بعدها غير واقع ، وعلة امتناع وقوع جوابها ، هو أنّ ما بعدها لم يقع.
مثال هذا أنك تقول : لو جئتني لأكرمتك ، الإكرام غير كائن لأن المجيء غير كائن ، فإن وقع المجيء وقع الإكرام.
ولو نفيت الجواب فقلت : لو جئتني لم أكرمك لصار معنى الكلام : لو وقع مجيئك انتفت كرامتي لك. فيكون المجيء سببا لامتناع الإكرام ، وأنه متى جاء لم تكرمه. فعلّة امتناع جوابها ، هو امتناع ما بعدها.
فإذا قال قائل : أنا لو سعيت لمعيشة خسيسة كفاني قليل من المال ؛ لكان الكلام صحيحا ، وقد انتفى أن يكفيه قليل من المال لانتفاء طلبه معيشة خسيسة ،
__________________
(١) نص العبارة عند سيبويه ١ / ٤١ وفيه : «.. فسد المعنى».
(٢) قال ابن خلف : إن قوله (لم أطلب) معناه : لم أسع ، وهو غير متعد ، فلا شاهد في البيت على هذا. ويتعجب من خفاء هذا التفسير على الأفاضل حتى جعلوا البيت شاهدا لجواز إعمال الأول .. ولكن البغدادي يردّ قوله ولا يعده شيئا ، لأن السعي معناه السير السريع ولا صلة له بالطلب الذي يعني الفحص عن وجود الشيء. انظر : الخزانة ١ / ١٥٩ ـ وقد ورد الشاهد في : النحاس ١٢ / ب والإيضاح العضدي ٦٧ والأعلم ١ / ٤١ وشرح الأبيات المشكلة ص ٢٢٤ والإنصاف ٥٧ ، ٥٩ ، ٦٠ والكوفي ٩٢ / ب ، ١٣٦ / ب والمغني ش ٤١٧ ج ١ / ٢٥٦ والسيوطي ص ٣٤٢ وش ٤٠٠ ص ٦٤٢ والأشموني ١ / ٢٠١ و ٣ / ٦٠٢ والخزانة ١ / ١٥٨ وشرح البلبل المليح ٢٦