الشاهد (١) فيه أنه أتى بجملة في موضع خبر (أنّ) وخبرها مثل خبر (كنت) ومثل المفعول الثاني في (حسبت) وخبر الابتداء.
والاختيار أن يرفع الاسم في أول الجملة كما ذكر فيما تقدم ، فأتى به الشاعر منصوبا ، ولو رفع لقال : (فلو أنها أنت عضتك) فأتى ب (إياك) ونصبها بإضمار (عضت) وجعل (عضتك) مفسرا للفعل المحذوف العامل في (إياك) ، والموضع الذي يقدّر فيه المحذوف بعد (إياك) كأنه قال : فلو أنها إياك عضت عضتك. والضمير في (أنها) يحتمل أمرين :
أحدهما أن يكون ضمير الأمر والشأن.
والوجه الآخر أن يكون ضمير المظلمة ، لأنه قدم قوله : (لقيت من الظلم الأغر المحجلا). ومعنى قوله : (لقيت من الظلم الأغر المحجلا) أي لقيت ظلما واضحا مشهورا ، لا يشك أحد أنه ظلم. فلو أنها إياك عضتك مثلها : (مثلها)
__________________
١) أبلغ يزيد ابن الخليفة أنني |
|
لقيت من الظلم الأغرّ المحجّلا |
٢) لقيت بقيّاس من الأمر شقّة |
|
ويوما بجوّ كان أعنى وأطولا |
٣) وكنت أخاك الحقّ في كل موطن |
|
ألمّ ولو أغلوا بلحمي مرجلا |
٤) ولو أنها إياك عضّتك مثلها |
|
جررت على ما شئت نحرا وكلكلا |
٥) وكنت يمينا في شمالك أينما |
|
أشارت بها كفّاك حتى تزيّلا |
٦) وإنّ ابن عود للبزيخ أناخ بي |
|
فجوّ لقد أثويت مثوى مضلّلا |
قيل لأم الحكم وهي عند عبد الله : تزوجت هذا الثقفي وأنت أنت ، وهو هو! فقالت : زوج من عود خير من قعود».
(فرحة الأديب ٤٧ / ب وما بعدها)
(١) ورد الشاهد في : الأعلم ١ / ٧٥ والكوفي ٥٨ / ب و ١٥٩ / ب.