(فأوردها العراك ولم يذدها |
|
ولم يشفق على نغص الدخال) (١) |
وصف حمير وحش تعدو إلى الماء ، فقد أثارت غبارا كأنه سرادق ، ويصفّق : يردّد ، كأن الغبار يرتفع مرة في الهواء مستويا ، ومرة يميل في جانب ، على حسب ما تميله الريح.
فأوردها (٢) : يعني العير أورد الأتن إلى الماء ، والأتن تتبع العير إذا مضت إلى الماء ، فإذا وردت تقدّم العير ، فإذا أدخل قوائمه في الماء اتّبعته. فأوردها : يعني العير أورد الأتن العراك ، كأنه قال : أوردها عراكا. و (عراكا) في موضع معتركة (٣) ، والمعتركة التي يزحم بعضها بعضا. يريد أن العير أرسل الأتن مرة واحدة ، ولم يطردها عن الماء يخاف القصّاص ، ولم يذدها : لم يطردها. وأراد أن العير يورد الأتن دفعة وليس كالرعاء الذين يدبرون أمر الإبل ، فإذا وردت الماء جعلوها قطعا ، وأوردوها قطعة قطعة إلى الماء حتى تروى ، ولو
__________________
(١) ديوانه ق ١١ / ٤٠ ـ ٤١ ص ٨٦ وفيه «يصفّق» بكسر الفاء. وعندي أن الفتح أقرب إلى الدقة ، لأن الريح هي التي تميل بهذا السرادق الترابي في هبوبها. وروي الأول للبيد في : اللسان (سفسق) ١٢ / ٢٤ وصدره بلا نسبة في : المخصص ١٠ / ٦٦ والثاني للشاعر في : المخصص ١٤ / ٢٢٧ واللسان (نغص) ٨ / ٣٦٨ و (عرك) ١٢ / ٣٥٢ و (دخل) ١٣ / ٢٥٨ وبلا نسبة في المخصص ٧ / ٩٩
(٢) ساقطة في المطبوع.
(٣) ورد الشاهد في : المقتضب ٣ / ٢٣٧ والنحاس ٥٤ / أوالأعلم ١ / ١٨٧ وشرح الأبيات المشكلة ٢٢٣ والإنصاف ٢ / ٤٤٢ والكوفي ١٤ / أوابن عقيل ش ١٨٠ ج ١ / ٤٤٧ وفي الخزانة ١ / ٥٢٤ ذكر البغدادي للشاهد عدة مذاهب يغلب عليها التكلف ، منها ما ذهب إليه الكوفيون من جعلهم (العراك) مفعولا ثانيا ل (أرسلها) وهي بمعنى أوردها ، فكأنه أوردها لتعترك. وقد أشار المبرد في المقتضب إلى أن المعنى : أرسلها وهي تعترك لا لتعترك.