الفرزدق بهذا الشعر عمر (١) بن عبد / العزيز وكان قد ولي المدينة.
يقول : ما أعيد لأهل المدينة ولمن بها من قريش أزمان مثل أزمان مروان (٢) ـ في الخصب والسّعة والخير ـ حتى وليت أنت عليهم ، فعاد لهم مثل ما كانوا فيه من الخير حين كان مروان واليا عليهم.
وقوله : إذ في وحشها غرر ، يريد : وحشها لا يذعرها أحد ، فهي في غرّة من عيشها. ويقال : هو في غرة من العيش ، إذا كان في عيش ليس فيه كدر ولا خوف. فأصبحوا (٣) بولايتك عليهم قد أعاد الله نعمتهم.
قال سيبويه (١ / ٢٩) بعد إنشاد هذا البيت : «وهذا لا يكاد يعرف» يريد : إعمال (ما) مع تقديم خبرها. وزعم أبو العباس محمد بن يزيد أنّ (مثلهم) منصوب لا على هذا الوجه ، وأنه ليس بخبر ل (ما) وخبر (ما) عنده محذوف. و (مثلهم) منصوب على الحال ، والعامل فيه الخبر المحذوف. كأنه قال : وإذ ما في الدنيا مثلهم بشر. وأنكر أبو العباس الوجه الذي ذهب إليه سيبويه من تقديم خبر (ما) مع الإعمال حين اضطر الشاعر ، وزعم أنّ الخبر محذوف.
وحذف الخبر إن لم يكن عليه دليل في الكلام ، أو في الحال التي المخبر
__________________
(١) خامس الخلفاء الراشدين ، ولد ونشأ في المدينة وتولى إمرتها ، ولي الخلافة سنة ٩٩ ه وتوفي ١٠١ ه. ترجمته في : أسماء المغتالين ـ نوادر المخطوطات ٦ / ١٨٠ والوصايا للسجستاني ١٦٤ والكامل لابن الأثير ٤ / ١٥٢ و ١٦١
(٢) مروان بن الحكم ، الخليفة الأموي ، شهد صفين مع معاوية ، تولى إمرة المدينة من ٤٢ ـ ٤٩ ه (ت بدمشق ٦٥ ه) قيل اغتالته زوجه. ترجمته في : أسماء المغتالين ـ نوادر المخطوطات ٦ / ١٧٤ والكامل لابن الأثير ٣ / ٢٢٨ ، ٢٤٦
(٣) في المطبوع : فأضحوا.