وبقاء معنى النفي ، فإن أدخلت (إلا) بين الاسم والخبر ؛ بطل معنى النفي فبطل عملها ، لأن الخبر [يصبح](١) موجبا بدخول (إلا) وإن تقدم الخبر على الاسم بطل العمل ؛ لزوال ترتيب الكلام في الأصل ، وترتيب الكلام في الأصل أن يكون الاسم قبل الخبر.
قال سيبويه (١ / ٢٩) : «وزعموا أن بعضهم قال وهو الفرزدق» :
وما أعيدلهم ـ حتى أتيتهم ـ |
|
أزمان مروان إذ في وحشها غرر |
(فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر) (٢) |
الشاهد (٣) في إعمال (ما) عمل ليس مع تقديم خبرها على اسمها. ومدح
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق ليست في المطبوع.
(٢) ديوان الفرزدق ١ / ٢٢٣ من قصيدة قالها يمدح عمر بن عبد العزيز. وروي الثاني للشاعر في : المخصص ١٦ / ١٦٠
(٣) ورد الشاهد في : النحاس ٢٦ / ب وتفسير عيون سيبويه ١١ / ب والأعلم ١ / ٢٩ وأسرار العربية ١٤٦ والكوفي ٢٩ / ب ، ٣٩ / أوالمغني ش ١٢٢ ج ١ / ٨٢ وأوضح المسالك ش ١٠٤ ج ١ / ١٩٩ وشرح السيوطي ش ٥٧٩ ص ٧٨٢ والأشموني ١ / ١١١ والخزانة ٢ / ١٣٠
جاء في تفسير عيون سيبويه أن بعضهم ردّ رواية الإعمال ؛ لأن الفرزدق تميمي فكيف يعمل لغة أهل الحجاز .. فردّ القرطبيّ بأن الفرزدق من علماء العرب بكلامهم ، وممن تأتيه علماء أهل الحجاز ووقف على لغاتهم. ويرى الأعلم أن الفرزدق قصد إلى هذا خدمة للمعنى ، فلا يبالي مع صيانة المعنى فساد اللفظ ، إذ لو قال : ما مثلهم بشر لتوهّم أنه ينفي عنهم صفة الإنسانية والمروءة ، أما بالإعمال ونصب الاسم فقد خلص المعنى للمدح دون توهم الذم. والشعر موضع ضرورة. وانتهى إلى القول إن سيبويه ممن عني بتصحيح المعاني وإن اختلفت الألفاظ.