فيها ، لم يجز حذفه. كقولك ـ وقد جرى ذكر رجل فعل فعلا جميلا ، وأحسن إحسانا كثيرا ـ : عمرو. أي هذا الذي ذكرتم عمرو. أو يكون مثل قولك ـ والناس يتراءون الهلال ـ : الهلال ، أي هذا الهلال.
فإن لم يكن عليه دليل فحذفه قبيح. فيكون أبو العباس قد أنكر حمل البيت على وجه الضرورة في تقديم الخبر ، وحمله هو على الضرورة في حذف الخبر.
فإن قال قائل : قد استمر حذف خبر المبتدأ في باب من الأبواب وهو قولك : شربك السّويق ملتوتا .. قيل له : هذا الحذف يكون في المصادر ، لأن الخبر فيها على وجه واحد يقع ، وهو (إذ كان) (١) و (إذا يكون) فصار كحذف العامل في الظروف وهو (مستقر) لأنه على وجه واحد يقع ، فهو معلوم مستغنى عن ذكره. وليس كذا حذف (٢) الخبر في البيت.
وجملته : أن سيبويه ذكر أن الضرورة في تقديم الخبر مع الإعمال. وأبو العباس يقول : الضرورة حذف الخبر. فيحتاج أن ننظر أولى القولين بالصواب ، فوجدنا قول سيبويه أولى ، لأنه ليس يحتاج في قوله إلى تقدير شيء محذوف من الكلام.
وفي قول أبي العباس ، الضرورة في حذف الخبر ، وينبغي أن يحمل الكلام في صحته على ظاهر لفظه ، وأنه لم يحذف منه شيء ما أمكن أن يفعل ذلك ، فإن لم يمكن حملنا الكلام على أن فيه محذوفا.
وإذا كانت الضرورة في الوجهين جميعا ، فالقول : الذي لا يحتاج معه إلى تقدير محذوف.
__________________
(١) في المطبوع : إذا كان.
(٢) في المطبوع : وليس هذا كحذف الخبر.