وسبب هذا الشعر ، أن بجير (١) بن زهير بن أبي سلمى كان في غلمة يجتنون من جنى الأرض ، ثم انطلق الغلمة وتركوا ابن زهير ، فمر به زيد الخيل فأخذه ، ودار طيىء متاخمة لدور بني عبد الله بن غطفان ، فسأل الغلام : من أنت؟ فقال : أنا بجير بن زهير ، فحمله على ناقة (٢) ثم أرسل به إلى أبيه ، فلما أتى الغلام أباه ، أخبره أن زيد الخيل أخذه ، فحمله ، وخلّاه.
وكان لكعب بن زهير فرس من كرام الخيل ، وكان جسيما ، وكان زيد الخيل من أعظم الناس وأجسمهم (٣). كان ـ زعموا ـ لا يركب دابّة إلا أصابت إبهامه الأرض.
فقال زهير : ما أدري ما أثيب به زيدا إلا فرس كعب ، فأرسل به إليه وكعب غائب ، فجاء كعب فسأل عن الفرس ، فقيل : أرسل به أبوك إلى زيد ، فقال كعب لأبيه : كأنك أردت أن تقوّي زيدا على غطفان! فقال زهير لابنه : هذه إبلي فخذ ثمن فرسك وازدد عليه. فلم يرض كعب ، واندفع يحرض بني ملقط الطائيين على زيد الخيل ، وكان بينهم قتال.
وقال كعب قصيدة يذكر فيها ما بين بني ملقط وبين زيد الخيل. فأجابه زيد الخيل بأبيات أولها ما تقدّم إنشاده (٤).
__________________
(١) أسلم فاشتد عليه أهله فهاجر إلى المدينة فكتب إليه كعب مؤنّبا ، فأجابه بأبيات ليبادر بالتوبة. انظر السيرة ٤ / ١٤٤ والمؤتلف ص ٥٨ وأسد الغابة ١ / ١٦٤ والإصابة (تر ٥٩١) ١ / ١٤٢ وكذلك (تر ٧٤١٣) ٣ / ٢٧٩ في ترجمة كعب.
(٢) في المطبوع : ناقته.
(٣) في الأصل : وأجسمه.
(٤) ذكر السكري هذه القصة ، وأورد قبلها سببا آخر للأبيات ، لم يكن بجير فيه غلاما ، ولكنه افتدى نفسه من زيد الخيل بإعطائه الكميت فرس كعب. انظر شرح ديوان كعب ص ١٢٦ والخزانة ٤ / ١٤٨