فى الدماء نواهل) من نهل إذا روى نقيض عطش (أقامت) أى عقبان الطير (مع الرايات) أى الأعلام وثوقا بأنها ستطعم لحوم القتل (حتّى كأنّها ، من الجيش إلا أنها لم تقاتل. فإن أبا تمام لم يلمّ بشىء من معنى قول الأفوه : رأى عين) الدالّ على قرب الطير من الجيش بحيث ترى عيانا لا تخيلا ، وهذا مما يؤكد شجاعتهم وقتلهم الأعادى (ولا) بشىء (من معنى قوله : ثقة أن ستمار) الدال على وثوق الطير بالميرة لاعتيادها بذلك وهذا أيضا مما يؤكد المقصود. قيل : إن قول أبى تمام : ظللت الملم بمعنى قوله رأى عين ؛ لأن وقوع الظل على الرايات مشعر بقربها من الجيش ، ...
______________________________________________________
متعلق بظللت أى : ظللت عقبان الأعلام بعقبان طير ؛ لأنها لزمت فوق الأعلام ألقت ظلّها عليها (قوله : فى الدماء) أى : من الدماء ، ففى بمعنى من ، متعلقة بنواهل الذى هو صفة لعقبان طير أى : ظللت عقبان الأعلام بعقبان طير من صفتها إذا وضعت الحرب أوزارها. النهل أى : الرى من دماء القتلى ، فتظليل العقبان للأعلام لرجائها النهل من الدماء ووثوقها بأنها ستطعم من لحوم القتلى (قوله : لوثوقها بأنها ستطعم لحوم القتلى) أى : ولرجائها الرى من دمائها (قوله : حتى كأنها من الجيش) أى : حتى صارت من شدة اختلاطها برؤوس الرماح والأعلام من أفراد الجيش ، إلا أنها لم تقاتل أى : لم تباشر القتال وهذا استدراك على ما يتوهم من الكلام السابق من أنها حيث صارت من الجيش قاتلت معه (قوله : فإن أبا تمام إلخ) أى : وإنما كان كلام أبى تمام بالنسبة لكلام الأفوه السابق مما ذكرناه وهو أخذ بعض المعنى ويضاف إليه ما يحسنه ؛ لأن أبا تمام إلخ (قوله : لم يلم) من ألم الرباعى وما تقدم فى قوله حتى ما يلم خيال من لم الثلاثى ، والأول بمعنى أخذ والثانى بمعنى وقع وحصل (قوله : لا تخيلا) أى : لأنها ترى على سبيل التخيل بأن يكون هناك من البعد ما يوجب الشك فى المرئى (قوله : وهذا) أى : كون الطير قريبا من الجيش بحيث يرى معاينة مما يؤكد المعنى المقصود للشاعر وهو وصفهم بالشجاعة والاقتدار على قتل الأعادى ؛ وذلك لأن قربها إنما يكون لأجل توقع الفريسة (قوله : لاعتيادها) أى : والثقة منها بالميرة لاعتيادها ذلك وكون ذلك معتادا يدل على كمال الشجاعة والجراءة على القتل فكلا المعنيين أى : معنى رأى عين ، ومعنى ثقة أن ستمار