دخل على معاوية فأنشده هذيين البيتين فقال له معاوية : لقد شعرت بعدى يا أبا بكر ولم يفارق عبد الله المجلس حتى دخل معن بن أوس المزنى فأنشد قصيدته التى أولها :
لعمرك ما أدرى وإنّى لأوجل |
|
على أيّنا تعدو المنيّة أوّل |
حتى أتمها وفيها هذان البيتان فأقبل معاوية على عبد الله بن الزبير وقال : ألم تخبرنى أنهما لك؟ فقال : اللفظ له والمعنى لى وبعد فهو أخى من الرضاعة وأنا أحق بشعره.
(وفى معناه) أى فى معنى ما لم يغير فيه النظم ...
______________________________________________________
الفاء للتعليل أى : وإنما قلنا إن ابن الزبير فعل ذلك بقول معن السابق ؛ لأنه قد حكى إلخ (قوله : دخل على معاوية) أى : وكان معاوية حاقدا عليه وعنده غيظ منه (قوله : لقد شعرت بعدى) بضم العين أى : لقد صرت شاعرا بعد علمى بأنك غير شاعر ، أو بعد مفارقتى إياك فأنت قبل أن أفارقك لم تقل شعرا وقد صرت بعد مفارقتى شاعرا (قوله : يا أبا بكر) كنية لعبد الله بن الزبير (قوله : فأنشد قصيدته) أنشد يتعدى لمفعولين ، يقال : أنشدنى شعرا فمفعوله الأول هنا محذوف أى : فأنشده قصيدته (قوله : لأوجل) من الوجل وهو الخوف وموضع على أيّنا نصب ؛ لأنه مفعول أدرى (وقوله : وإنى لأوجل) اعتراض ، وتغدو بالغين المعجمة بمعنى تصبح وذكر بعضهم أنه بالعين المهملة من العدو والمنية الموت ، وأول مبنى على الضم لقطعه عن الإضافة ونية معناها كما فى قبل وبعد أى : أول كل شىء ، وحاصل المعنى : ما أدرى من الذى تغدو عليه المنية منا قبل الآخر وإنى لأخاف ما يقع من ذلك (قوله : حتى أتمها) أى : واستمر على إنشاد القصيدة حتى أتمها (قوله : فأقبل معاوية إلخ) أى : التفت إليه ؛ لأنه معه فى المجلس (قوله : أنهما) أى البيتين (وقوله : ألم تخبرنى أنهما لك) يقتضى أن عبد الله بن الزبير أخبر معاوية بذلك وهذا الاستفهام إنكارى (قوله : وبعد فهو أخى إلخ) هذا اعتذار من ابن الزبير فى سرقته البيتين ونسبتهما لنفسه يستظرفه الحاضرون (وقوله : وأنا أحق بشعره) أى : لكمال اتحاده به ولا يخفى برودة هذا الاعتذار خصوصا وهو غير أخ له من النسب (قوله : وفى معناه)