(وقوله : فمشغوف (١) بآيات المثانى) أى القرآن (ومفتون برنّات المثانى) أى بنغمات أوتار المزامير التى ضم طاق منها إلى طاق وهذا فيما يكون المتجانس الآخر فى آخر المصراع الأول (وقوله (٢) : أملتهم ثم تأملتهم ، فلاح) أى ظهر (لى أن ليس فيهم فلاح) أى فوز ونجاح وهذا فيما يكون المتجانس الآخر فى صدر المصراع الثانى
______________________________________________________
لفظ بلابل الثالث مع الأول لا مع الثانى ؛ لأن الثانى ليس فى أول المصراع الثانى ولا الأول ولا فى حشو الأول ولا فى أخره ، بل فى حشو الثانى وهو غير معتبر عند المصنف كما مر بل عند السكاكى (قوله : وقوله : فمشغوف إلخ) أى : وقول الشاعر وهو الحريرى فى المقامة الحرامية وقبل البيت :
بها ما شئت من دين ودنيا |
|
وجيران تنافوا فى المعانى |
والضمير فى بها للبصرة (قوله : أى القرآن) أى : فمشغوف بآيات القرآن يهتدى بها ويتذكر ما فيها من الاعتبارات ، واعلم أن المثانى تطلق على ما كان أقل من مائتى آية من القرآن وعلى فاتحة الكتاب ؛ لأنها تثنى فى كل ركعة وعلى القرآن بتمامه ؛ لأنه يثنى فيه القصص والوعد والوعيد ، والمراد بالمثانى الأول فى البيت هذا المعنى ـ كما قال الشارح.
(قوله : ومفتون) من الفتن بمعنى الإحراق ، قال الله تعالى : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ)(٣) ، أو بمعنى الجنون ، والرنات جمع رنة : وهى الأصوات ، والمثانى جمع مثنى وهو ما كان من الأعواد له وتران فأكثر والفاء فى قوله فمشغوف لتفصيل أهل البصرة أى : فمنهم الصالحون المشغوفون بقراءة القرآن ، ومنهم من هو مفتون بآلات اللهو والطرب ، ومنهم دون ذلك ، والمقصود مدح البصرة بأنها مصر جامع (قوله : أى بنغمات) جمع نغمة بمعنى صوت أى : أصوات وهذا تفسير لرنات ، (وقوله : أوتار المزامير) تفسير للمثانى (قوله : التى ضم إلخ) فيه إشارة إلى وجه تسميتها مثانى أى : لأنها تثنى أى : يضم طاق أى : وتر منها إلى طاق أى : وتر آخر حال الضرب عليها (قوله : وقوله : أملتهم إلخ)
__________________
(١) البيت للحريرى من مقاماته ص ٥٢١.
(٢) البيت للأرجانى من قصيدة يمدح فيها شمس الملك فى الإشارات ص ٢٩٧.
(٣) الذاريات : ١٣.