وقد سبق أن المشدد فى حكم المخفف (أو فى الآخر كقوله (يمدّون من أيد عواص عواصم (١)) بزيادة الميم ولا اعتبار بالتنوين وقوله : من أيد فى موضع نصب مفعول يمدون ، على زيادة من كما هو مذهب الأخفش أو على كونها للتبعيض ، كما فى قولهم : هزّ من عطفه وحرك من نشاطه ، أو على أنه صفة لمحذوف
______________________________________________________
وغناى من الدنيا مجرد إتعاب نفسى فى تحصيل المكاسب من غير وصول إليها ، فيكون تشكيا وإخبارا بأنه لا يحصل من سعيه على طائل ولا نفع ، ويحتمل أن يكون المعنى إن حظى من الدنيا وغناى فيها بمشقتى وجهدى لا بالوراثة عن آبائى وأجدادى ، فيكون إخبارا بالنجابة فى السعى وأن الغنى لا يتوقف على وراثة (قوله : وقد سبق إلخ) جواب عما يقال : إن جهدى بعد حذف الهاء منه يكون جدى بتخفيف الدال فلا يكون بينه وبين جدى جناس تام.
(قوله : كقوله) أى الشاعر وهو أبو تمام (قوله : ولا اعتبار بالتنوين) أى : فى عواص ؛ وذلك لأنه فى حكم الانفصال أو بصدد الزوال بسبب الوقف أو الإضافة (قوله : على زيادة من) أى : بناء على زيادة من (قوله : كما هو مذهب الأخفش) أى : المجوز لزيادتها فى الإثبات (قوله : أو على كونها للتبعيض) أى : أو بناء على كونها للتبعيض (وقوله : كما فى قولهم هزّ من عطفه وحرك من نشاطه) أى : هز بعض العطف ؛ لأن العطف الشق والعضو المهزوز منه الكتف مثلا ، وحرك بعض الأعضاء التى يظهر بتحريكها نشاطه ، وهز العطف : كناية عن السرور ؛ لأن المسرور يهتز فصارت الهزة ملزومة للسرور وكذا تحريك النشاط (قوله : أو على أنه صفة لمحذوف) ظاهره أنه عطف على قوله : أو على كونها للتبعيض وفيه نظر ؛ لأنه ينحل المعنى من أيد فى موضع نصب مفعول يمدون بناء على زيادة من أو على أنها للتبعيض ، أو على أنه صفة لمحذوف ، ومن المعلوم أنه إذا كان صفة لمحذوف لا يكون مفعولا فالأولى جعله عطفا على المعنى ، فكأنه قيل : من أيد نصب على المفعول ، أو على أنه صفة لمحذوف (قوله :
__________________
(١) البيت لأبي تمام ، في ديوانه ١ / ٢٠٦ ، وعجزه : تصول بأسياف قواض قواضب