وسمعت ابن عرفة
يقول : لقد أتعب الناس فى نسخه ، فهلا كتب كراسة فقط بما زاد على القاضى من ضبط
الأسماء المشكلة ، وكفى الناس المؤنة. وفيه مواضع كنت أنبه عليها وقت القراءة.
ثم قرأت مختصر ابن
الحاجب فى الأصول على أشياخ ، وما رأيت منهم من شق له غبارا ، وإنما يقرؤنه
بالسلاطة وقوة الجأش.
ثم قال : وعلى
كثرة شروحاته ، فهو محتاج إلى الشرح ؛ لأنهم فى مواضع لا يفصحون بشرحها ، بل
يتركونها كما هى بينهم عموم وخصوص فى تفسير المسائل.
وقد تكلمنا على
كثير من مسائله المشكلة المهملة عند الشراح.
وقد ألف الناس
بعده فلم يبلغوا شأوه. ألف البيضاوى : كتاب المنهاج ، سلك فيه طريقة الإمام الرازى
على عادته.
وألف ابن الساعاتى
، وتبع فى ذلك طريقة الآمدى ، وقصد حل كثير من أسئلة ابن الحاجب والرد عليه فى
كثير من الأدلة بزعمه ، فلم يصادف الغرض.
وأصعب الطرق فى
الأصول طريقة الحنفية. قرأت فيه كتاب ابن الساعاتى وأقرأته ، وللتفتازانى على كتاب
التوضيح لصدر الشريعة كتاب جليل.
وإنما أتوا فى
طريقهم من النظر فى الألفاظ مجردة عن اعتبار ما سيقت له ، ومن عدم مساعدة الطبع
والذوق ، وليحترز الناظر فى البرهان من زلة ذكرها فى أول كتابه يقول : إنه اجتمع
يوما مع ابن سينا ، فتكلم معه فى تعليق العلم القديم بالجزئيات ، فأورد عليه شبهة
عجز عن حلها. فألزمه إنكار ذلك فأنكره ، وكتبه هناك. ولعلها دست عليه فى كتابه.
وقد اختصره ابن المنير فأبدع.
وكذلك يحترز
الناظر فى شراح ابن الحاجب ، وفى كتب المتأخرين فى علم أصول الدين من زلة أطبقوا
عليها لسبب مخالطتهم لكتب الفلاسفة. ومن ذلك كان يقول بعض الأشياخ فيهم : أفراخ
الفلاسفة. وقد أوضحت فساد قولهم وزللهم فيما كتبت على المختصر.
ثم قال بعد ذكره :
قرأته فى علم أصول الدين والمدخل لقراءة هذا العلم عند أشياخنا : كتاب الإرشاد ،
وليس فيه شفاء العليل.
ثم قال ـ بعد ذكره
لعلم البيان ، وما قرأ فيه ـ : وكان الشيخ أبو حيان على جلالته فى علم العربية
ينبو عنه طبعه.