كلمات القوم في
المقام متهافتة للغاية ، وما ذلك إلأ لامتناعهم عن الإدلاء بالحق والاعتراف
بالواقع ...
وحقيقة الحال في هذا الحديث هو : أن
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بسدّ
الأبواب الشارعة إلى المسجد تنزيهاً له عن الأدناس وتجنيبا عن الأرجاس ... وحتى
باب عمّه حمزة سيد الشهداء عليهالسلام
سدّه على ما كان عليه من الفضل والقرابة والشأن الرفيع ... والأحاديث الدالة على
كون ما ذكرناه هو السبب في سدّ الأبواب كثيرة عند الفريقين ...
لكنه إنما لم يؤمر بسدّ بابه وباب علي
وأجاز مكث علي وأهل بيته ومرورهم من المسجد ـ في حال الجنابة ـ لكونهم طاهرين
مطهرين بحكم آية التطهير النازلة من رب العالمين وغير هذه الآية من أدلة عصمة أهل
البيت وامتيازهم بهذه الخصيصة عن سائر الخلق أجمعين ... فبابهم لم يسدّ لعدم
الموجب لسدّه كما كان بالنسبة إلى غيرهم ... وبهذا ظهرت ميزة أخرى من مميزاتهم ... الأمر الذي أثار عجب قوم وحسد أو
غضب قوم اخرين ...
ثم إن هذا الحسد لم يزل باقيا في نفوس
أتباع أولئك ... كمالك وأمثال مالك ... فحملهم الحسدّ لعليّ والحب لأبي بكر ـ وهو
ممّن سدّ بابه كما هو صريح أخبار الباب ـ على أن يضعوا له في المقابل حديثا
ويقلبوا الفضيلة ...!
والواقع : أن هذا الوضع ـ في أكثره ـ من
صنع أيام معاوية ... لكن وضع على لسان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
في أواخر أيام حياته ... وله نظائر عديدة ...
لقد نصبوا أبا بكر للخلافة وبايعوه ...
وهم يعلمون بعدم وجود نصّ عليه وبعدم توفّر مؤهّلات فيه كما اعترف هو بذلك فيما
رووه ... فحاولوا أن يضعوا أشياء وينسبوها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
بأن قالها في أيام مرضه زعموا أن فيها إشارة قوية إلى خلافته ... ليصبغوا ما صنعوا
بصبغة الشرعية ... وليضيفوا ما وقع منهم
__________________