تأملت فيه فوجدته
وجهاً مغايراً للوجه السابق ...!
ثمّ وجدت السمهودي ينصّ على ذلك فيقول
بعد نقل العبارة : « قلت : والعبارة تحتاج إلى تنقيح ، لأنّ ما ذكره بقوله : (
ومحصّل الجمع ) طريقة أخرى في الجمع غير الطريقة المتقدّمة ، إذ محصّل الطريقة
المتقدّمة أن البابين بقيا ، وأن المأمورين بالسدّ هم الذين كان لهم أبواب إلى غير
المسجد مع أبواب من المسجد. وأما علي فلم يكن بابه إلا من المسجد ، وأن الشارع صلى
الله عليه [ وآله ] وسلم خصه بذلك ، وجعل طريقه إلى بيته المسجد لما سبق ، فباب
أبي بكر هو المحتاج إلى الاستثناء ، ولذلك اقتصر الأكثر عليه ، ومن ذكر باب علي
فإنما أراد بيان أنه لم يسدّ ، وأنه وقع التصريح بإبقائه أيضا.
والطريقة الثانية تعدد الواقعة ، وأن
قصة علي كانت متقدمة على قصة أبي بكر.
ويؤيد ذلك ما أسنده يحيى من طريق ابن
زبالة وغيره عن عبدالله بن مسلم الهلالي ، عن أبيه ، عن أخيه ، قال : لما أمر بسدّ
أبوابهم التي في المسجد خرج حمزة بن عبدالمطلب يجرّ قطيفة له حمراء وعيناه تذرفان
يبكي يقول : يا رسول الله أخرجت عمّك واسكنت ابن عمّك! فقال : ما أنا أخرجتك ولا
أسكنته ، ولكن الله أسكنه.
فذكره حمزة رضي الله عنه في القصة يدلّ
على تقدّمها ... » .
٥ ـ وفي الجمع الثاني ـ وهو وقوع الأمر
بسدّ الأبواب مرتين ـ نقطتان التفت إليهما ابن حجر نفسه :
أحداهما : أن هذا الجمع لا يتم إلا بأن
يحمل ما في قصّة علي على الباب الحقيقي ، وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي ،
والمراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه.
والثانية : ما أشار إليه بقوله : وكأنهم
لما أمروا بسدّ الأبواب سدّوها وأحدثوا خوخاً ...