فذاك ، لأن أصحاب المنازل الملاصقة للمسجد كان لهم الاستطراق منها إلى المسجد ، فأمر بسدها سوى خوخة أبي بكر ، تنبيها للناس على الخلافة ، لأنه يخرج منها إلى المسجد للصلاة. وإن أريد به المجاز فهو كناية عن الخلافة وسدّ أبواب المقالة دون التطرق والتطلّع إليها.
قال التوربشتي : وأرى المجاز اقوى ، إذ لم يصحّ عندنا أن أبا بكر كان له منزل بجنب المسجد ، وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة. انتهى.
وتعقبه في الفتح بأنه استدلال ضعيف ، لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسنح أن لا يكون له دار مجاورة للمسجده ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار ... » (١).
وفي هجرة النبي : « فأمر رسول الله بسدها كلها إلاّ خوخة أبي بكر تكريماً له وتنبيهاً على أنه الخليفة بعده ، أو المراد المجاز فهو كناية عن الخلافة وسد أبواب المقالة دون التطرق. ورجّحه الطيّبي محتجاً بأنه لم يصح عنده أن أبا بكر كان له بيت بجنب المسجد ، وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة » (٢).
هذه كلمات شرّاح الحديث.
وفي الكتب المؤلفة في العقائد ... تجد الاستدلال بحديث الخوخة في باب الفضائل المزعومة لأبي بكر وفي أدلّة إمامته وخلافته بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ... ولا حاجة إلى ذكر نصوص عباراتهم ، ولربما أشرنا إلى بعضها في غضون البحث.
أقول : لا يخفى الاضطراب والاختلاف بين القوم في كيفية الاستدلال ، بل إن الباحث المحقق يجد كلمات الواحد منهم في موضع تختلف عن كلماته في الموضع الآخر ... ونحن نلخص ما قالوا ونعلّق عليه باختصار حتى يتبين الحال :
__________________
(١) إرشاد الساري ٦ / ٨٣.
(٢) إرشاد الساري ٦ / ٢١٤.