أخبرت أن بعض من حجّ من اليمن وجفاة الناس قالوا : إن الصلاة للمقيم ركعتان ، واحتجوا بصلاتى ، وقد اتخذت بمكة أهلا ، ولى بالطائف مال» ، فقال عبد الرحمن بن عوف : «ما فى هذا عذر ، أما قولك : اتخذت بها أهلا ، فإن زوجتك بالمدينة تخرج لها إذ شئت ، وإنما تسكن بسكناك ، وأما ما لك بالطائف فبينك وبينه مسيرة ثلاث ليال ، وأما قولك عن حاج اليمن وغيرهم فقد كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ينزل عليه الوحى والإسلام قليل ، ثم أبو بكر وعمر ، فصلوا ركعتين وقد ضرب الإسلام بجرانه» ، فقال عثمان : «هذا رأى رأيته» ، فخرج عبد الرحمن فلقى عبد الله بن مسعود ، فقال : «يا أبا محمد قد غيّر ما تعلم» ، قال : «فما أصنع؟» قال : «اعمل بما ترى وتعلم» ، فقال عبد الرحمن : «قد صليت بأصحابى ركعتين ، وأما الآن فسوف أصلى أربعا» ـ وقيل : كان ذلك سنة ثلاثين.
* * *
ولم يحج أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ فى خلافته ، لاشتغاله بحرب الجمل وصفّين.
* * *
معاوية بن أبى سفيان (١)
واسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى ، أبو عبد الرحمن ، أمير المؤمنين ، كان أميرا بالشام نحو عشرين سنة.
وبايع له أهل الشام خاصة بالخلافة سنة ثمان أو تسع (٢) ، واجتمع الناس عليه حين بايع له الحسن بن على ـ رضى الله عنهما ـ وجماعة من معه فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين ، وقيل سنة أربعين ، فأقام فى الخلافة تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوما ، وقيل غير ذلك.
وحجّ بالناس عدة سنين أولها سنة أربع وأربعين ، ولم يحج سنة خمس وأربعين ، فحجّ بالناس مروان بن الحكم (٣) ، ثم حجّ معاوية سنة خمسين ، وقيل بل حجّ بالناس ابنه يزيد ،
__________________
(١) انظر : (ابن الأثير ٤ / ٢ ، الطبرى ٦ / ١٨٠ ، منهاج السنة ٢ / ٢٠١ ـ ٢٢٦ ، اليعقوبى ٢ / ١٩٢ ، تاريخ الخميس ٢ / ٢٩١ ، ٢٩٢ ، البدء والتاريخ ٦ / ٥ ، شذور العقود ٦ ، المرزبانى ٣٩٣ ، المسعودى ٢ / ٤٢ ، الأعلام ٧ / ٢٦٢).
(٢) يقصد : وثلاثين.
(٣) انظر : (الإصابة ترجمة ٨٣٢٠ ، أسد الغابة ٤ / ٣٤٨ ، الجمع ٥٠١ ، ابن الأثير ٤ / ٧٤ ، الطبرى ٧ / ٢٤ ، ٨٣ ، البدء والتاريخ ٦ / ١٩ ، السالمى ١ / ١٧٣ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٠٦ ، الأعلام ٧ / ٢٠٧).