بناء الكعبة (١)
حصلنا مما أوضحه الأزرقى واتفق عيه المؤرخون الآخرون : أن الكعبة بنيت عشر مرات وهى بناية الملائكة ، بناية آدم ، بناية شيت ، بناية إبراهيم وإسماعيل ، بناية العمالقة ، بناية جرهم ، بناية قصى ، بناية قريش ، بناية ابن الزبير ، بناية الحجاج.
قلنا : وقد بنيت للمرة الحادية عشر عام ١٠٣٩ هجرية فى عهد السلطان مراد بن السلطان أحمد ، من سلاطين آل عثمان ، وإلى القارئ تفصيل نبأ هذه البناية : ذكر الأسدى أنه : حصل فى أوائل القرن الحادى عشر تشقق بالجدار الشامى ازداد عام ١٠١٩ ، حيث وقع مطر بمكة ، جاء على أثره السيل ، فدخل المسجد الحرام ، فانهلت مياه الأمطار إلى داخل الكعبة من سطحها ، وأصاب الجدارين الشرقى والغربى وجدران الحجر تصدع ، فأراد السلطان أحمد بن السلطان محمد هدم البيت الشريف ، وجعل هذه الجدران حجارة الكعبة المعظمة ملبسة واحدا بالذهب وواحدا بالفضة ، فمنعه العلماء من ذلك وقالوا له : يمكن حفظ بنطاق يلم هذا التشعث ، فعمل لها نطاقا من النحاس الأصفر مغلفا بالذهب ، ورجى تركيبه فى أواخر عام ١٠٢٠ وأوائل عام ١٠٢١ ، وقد انفق عليه نحو ثمانين ألف دينار.
وفى الساعة الثانية من صباح يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر شعبان عام ١٠٣٩ ، وقع مطر عظيم بمكة المكرمة وضواحيها لم يسبق له مثيل ؛ ونزل معه برد كثير ثم جرى السيل فى وادى إبراهيم فيما بين العصرين ، فجرف ما وجده أمامه من البيوت والدكاكين والأخشاب والأتربة ، ودخل بها بيت الله الحرام. وبقى السيل إلى قريب العشاء ، فبلغ الماء إلى طوق القناديل المعلقة حول المطاف ، ودخل الكعبة المشرفة بارتفاع مترين عن قفل باب الكعبة.
وفى صباح اليوم التالى : فتحت سراديب باب إبراهيم فانسابت المياه منها إلى أسفل مكة. وأحصى من مات فى السيل المذكور فكانوا نحو ألف نسمة.
وفى عصر اليوم المذكور ـ أى يوم الخميس ـ : سقط الجدار الشامى من الكعبة بوجهيه وانجذب معه من الجدار الشرقى إلى حد الباب الشامى ، ولم يبق سواه وعليه قوام الباب ، ومن الجدار الغربى من الوجهين نحو السدس ، ومن هذا الوجه الظاهر فقط
__________________
(١) انظر : (أخبار مكة للأزرقى ، ملحقاته ، ١٠ / ٣٥٥ ـ ٣٧٣).