زين الدين كتبغا ـ الملك العادل (١) ـ فى حادى عشر المحرم سنة أربع وتسعين.
وأخرج مع أمه أشلون بنت سكناى إلى الكرك ، فثار الأمير حسام الدين لاجين المنصورى نائب السلطنة على العادل كتبغا ، وتسلطن عوضه ، فثار عليه طغى وكرجى ، فقتلاه وقتلا أيضا.
واستدعى الناصر من الكرك فتقدم إلى الجبل ، وأعيد إلى السلطنة مرة ثانية فى سادس جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين ، فأقام عشر سنين وخمسة أشهر وستة عشر يوما ، محجورا عليه لا يملك التصرف فى أكلة طعام يشتهيه ، والقائم بتدبير الدولة الأميران : بيبرس الجاشنكير أستادار السلطان (٢) ، وسلار نائب السلطنة ، فدبر لنفسه فى سنة ثمان وسبعمائة ، وأظهر أنه يريد الحج بعياله ، فوافقه الأميران على ذلك وشرعوا فى تجهيزه ، وكتب إلى دمشق والكرك برمى الإقامات ، وألزم عرب الشرقية بحمل الشعير.
فلما تهيأ ذلك أحضر الأمراء تقادمهم من الخيل والجمال فى العشرين من شهر رمضان فقبلها ، وركب فى خامس عشر منه من القلعة ومعه الأمراء إلى بركة الحج.
وتعيّن معه للسفر أيدمر الخطيرى ، والحاج آل ملك الجو كندار ، وقرا لاجين أمير مجلس ، وبلبان أمير جاندار ، وأيبك الرومى أمير سلاح وبيبرس الأحمدى ، وسنجر الجمقدار ، ويقطاى الساقى ، وسنقر السعدى النقيب ، وخمسة وسبعون مملوكا ، وعاد بيبرس وسلار من غير أن يترجلا له عند نزوله بالبركة ، فرحل من ليلته ، وعرّج على الصالحية وعيّد بها.
وتوجه إلى الكرك فقدمها فى عاشر شوال ، وبها الأمير جمال الدين أقوش الأشرفى نائبا ، فنزل بقلعتها ، وصرح بأنه قد انثنى عزمه عن الحج واختار الإقامة بالكرك ، وترك السلطنة ليستريح ، وكتب إلى الأمراء بذلك ، وسأل أن ينعم عليه بالكرك والشوبك. وأعاد من كان معه من الأمراء ، وأسلمهم الهجن ـ وعدتهم خمسمائة هجين ـ والمال والجمال وجميع ما قدمه له الأمراء ، وأخذ ما كان من المال بالكرك ـ وهو ستمائة ألف درهم فضة وعشرون ألف دينار ـ وأمر نائب الكرك أيضا بالمسير عنه فسار إلى مصر. وتسلطن بيبرس الجاشنكير ، وتلقب بالملك المظفر ، وكتب للناصر تقليدا بنيابة الكرك ،
__________________
(١) انظر : (ابن إياس ١ / ١٣٣ ، السلوك ١ / ٨٠٦ ، ٨٢٠ ، ٨٢٦ ، النجوم الزاهرة ٨ / ٥٥ ، فوات الوفيات ٢ / ١٣٨ ، الأعلام ٥ / ٢١٩).
(٢) انظر : (النجوم الزاهرة ٨ / ٢٣٢ ـ ٢٧٦ ، السلوك ٢ / ٤٧ ـ ٧١ ، ٨٠ ، الأعلام ٢ / ٧٩ ، ٨٠).