«المشرع الرويّ في شرح منهاج النووي» ، واختصر «شرح البخاري لشيخنا أبي الفضل ابن حجر» في أربع مجلدات سماه «تلخيص أبي الفتح لمقاصد الفتح».
وتردد إلى مكة كثيرا وجاور بها عدة سنين ، ثم انقطع بها من سنة أربع وأربعين إلى أن مات.
وحدّث بها ب «الكتب الستة» وغيرها ، سمعت عليه الكثير ، ولا يوجد في زماننا هذا بل قبله من مدة طويلة من يحدث على طريقته ، فإنه كان عنده تحر شديد في الرواية بحيث لا يدع القارئ يتجاوز لفظا ولا حرفا إلا بيّنه وأعربه ، ويصلي على النبي صلىاللهعليهوسلم كل ما ذكر ويترضى عن الصحابة كل ما مرّ ذكرهم.
ويقرأ في أول كل مجلس يقرأ عليه فيه الفاتحة وسورة الإخلاص ثلاث مرات ويهديها لمشايخه ، وإذا ختم عليه كتاب قرأ يوم ختمه قبل الختم سورة يس ، وسورة تبارك ، وسورة الإخلاص ثلاث مرات ، وسورة الفلق ، وسورة الناس ، والفاتحة ، وفاتحة البقرة وخاتمتها ، وآية الكرسي ، ويهدي ثواب ذلك في صحائف مشايخه ومؤلف الكتاب ، وكذلك يفعل في يوم الابتداء ، وهو فرد في ذلك لم ير مثله ، وكان على مجلس استماعه الهيبة والأنس والوقار والسكينة.
ولي مشيخة الخانقاه الزمامية بمكة بعد موت شيخها أحمد الواعظ في سنة خمسين وثمانمائة ، ثم ولي مشيخة الخانقاه الجمالية بمكة أول ما أنشئت في سنة سبع وخمسين ، وجعل وقت حضورها بعد صلاة الصبح لأجله ، لأن وقت الزمامية بعد صلاة العصر ، واستمرتا بيده إلى أن مات.
وكان إماما علامة ، عابدا ، زاهدا ، خيرا ، دينا ، ورعا ، متواضعا ، منجمعا ، جميل الصورة ، منور الشيبة ، كثير الوقار ، قليل الكلام (١) فيما لا يعنيه ، متبعا
__________________
(١) في الأصل زيادة : ما.