سائرين إلى الصبح ثم إلى قرب الظهر فنزلنا وبتنا فيه ولما أن أصبح الله بخير الصباح ظعنا منه ونزلنا رابغا وهي قرية كبيرة ذات أسواق ونخيل كثير وواد عظيم.
ثم ظعنا منه والنفس مسرورة إلى أن نزلنا مستورة وأكثر الناس يسمونها قاع البزوة وأظن أنهما مكانان متباينان ثم ظعنا منه فنزلنا بدرا وهي قرية عظيمة ذات أسواق ومساجد ومياه ونخل كثير وأتى الناس إلى الركب من كل فج عميق إذ اجتمعت الأركاب كلها هناك وأقاموا فيه يوما صحيحا في شرهة عظيمة ونزهة كبيرة وهي بدر التي ذكرها الله في القرآن وهي مزارة عظيمة لا سيما قبور الشهداء ثم ارتحلنا منه بعد صلاة الظهر قرب صلاة العصر وسبقنا الركب المصري بل وقع الازدحام في الوادي المعلوم فكثيرا لا يجد الإنسان فرجة يخرد منها غير أن المصري لا يستوي ذاهبا إلا بعد صلاة المغرب لأنه حينئذ يسوّي الأقطار ويتسع الطريق ولم نزل كذلك سائرين في الليل الراكب راكب والماشي ماش على أن أكثر الناس من الفلاحين ومن لا قصد له في زيارته صلى الله عليه وسلم يذهب من بدرا إلى الينبع حاصله نحن سائرون في الليل في ذلك الوادي وفيه قرى كثيرة ذات بساتين وانه قد وجد فيها شجر الموز وقيل انه يصلح فيها ويثمر ولم نزل راكبين كذلك سائرين في الوادي وفي تلك الخيوف فلم يكن أشد حرا من تلك الخيوف بل في بلاد الحجاز.
ثم كذلك إلى أن نزلنا القرية المعلومة التي ينزل فيها الركب وهي جديدة وفي هذه القرية مسجد جامع له بناء متقن تجرى العين من تحته من بناء الأمير رضوان رحمه الله تعالى وكم له في طريق الحجاز من مآثر ومعالم تدل على همته ثم ظعنا منه عند الظهر ثم ذهبنا على الطريق المعلومة وهي الوادي ولم نزل كذلك ولم نزل كذلك إلى أن وصلنا مسجد الغزالة وهي من الأمكنة التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم وهو المسمى عند المؤرخين بمسجد عرق الظبية فزرناه وسألنا الله تعالى فيه كل ما يصلح دينا ودنيا.