انفصل منهم جاءنا نذيرا ومحذرا منهم فقال اجمعوا أمركم ولا تهملوا حالكم وأظهروا شوكتكم فان العرب قد استعدوا لكم وأرادوا شركم وقال حسبنا الله ونعم الوكيل أو كلاما هذا معناه فعلمنا انه رجل صالح مع الاحتمال انه منهم أو من غيرهم فالذي دلت عليه القرائن انه منهم ثم تركناه وانفصلنا عنه متوقعين أمرهم ومتخوفين شوكتهم فهم أكثر من أن يحصوا غير أن الله تفضل علينا بقوة اليقين في قلوبنا فلم نستنشق منهم رائحة خوف نعم لم يتحرك إلينا أحد ولا التفت إلى جهتنا شخص فهم على حالهم ونحن على حالنا بعد أن صلينا العصر جماعة فلم نزل كذلك إلى أن صلينا المغرب فرأينا النار بعدية فظننا أنه عمارة خليص فلم نزل كذلك إلى العشاء فقربنا العمارة ولم نزل كذلك إلى أن وصلنا إلى الساقية الكبيرة التي تخرج من خليص فوجدنا ركبنا نازلا بإزائها وفرحوا بلحوقنا فرحا شديدا وقالوا ما نزلنا إلا منتظرين أمركم لا سيما من انفرد عن رفقته منقطعا عنها وهم جماعة انقطعوا معنا يأكلون ويشربون في رحلنا نحو الثلاثة أيام إلى أن بلغنا إلى خليص فتلاحقت الناس وتم الأمر واجتمعت الأحباب.
ثم ان الركب صار مقيما ذلك اليوم إلى أن صلينا الظهر فظعنا بعد صلاة الظهر بعد السقي والاستقاء ودفنا من مات هناك وهو الحاج عبد الله بن الحاج الشباني وقد جعلني وصيا على أولاده ولم يكن له ابن وإنما له بنات فوجدنا عند زوجته طفلا جعل الله فيه البركة ولم نزل سائرين إلى أن بلغنا عقبة السكر وفيها بناء وقد كتب في بعض أحجاره أن أقبح الناس من أتى إلى الحج بامرأة وكتب في أخرى أن أقبح الناس من أتى بلا زوجة ففهمنا منهما أن القبيح إذا كان قادرا ولم يأت بزوجته فعليه الذم المكتوب وأما الذي لا يقدر وأتى بها فعليه الذم المسطور وهو كذلك ونحن والحمد لله ذهبنا بأهلنا ولم نر ما يخل بديننا ومع ذلك قد علم قلة زادنا وضعف حالنا نعم لما تفضل الله علينا سرنا سيرة الملوك وذلك كله بفضل من الله ومنة ولم نزل كذلك