مكة ثم يخرج من كدى ثم يصعد إلى كداء فينزل منها إلى الأبطح فيذهب إلى منى من غير حاجة أكيدة لما في ذلك من المشقة الفادحة الحاصلة من تحليقه بأمكنة متعددة حتى يعود إلى المكان إلي ارتحل منه ومثل هذا ليس من الأفعال الجبلية ولو فعله صلى الله عليه وسلم لكان يه أقوى دليل على مشروعيته وتأكيد العمل به ولسأله أصحابه عن السر في ذلك لمخالفته للعادة مخالفة قوية ولو كان كذلك لنقل نقلا مستفيضا وصار من أفعاله المطلوبة وليس هذا مثل إدارته ناقته في محل لخفة الإدارة وقد تكون لغرض أقتضاه الحال مثل قصد العدول إلى ناحية أو إرادة تكليم أحد فدارت الناقة لأجل ذلك وذلك كثير ما يقع للإبل ومع ذلك فقد نقل فليتأمل ما ذكرنا والله تعالى اعلم انتهى.
انعطاف وهو أننا نزلنا في محل الركب مع نزول المصري أي المغربي على ناحية وهو على ناحية ثم أن أمير الحاج المصري أي حسين باي مملوك عمر باي وهو رجل صالح محسن عاقل ومع ذلك انه أراد أن يتخلف المغربي وراء المصري قهرا إذ العادة السابقية أن الركب المغربي يتخلف في الطلعة وفي الرجعة يسبق على أن المصري لما تقوى وكثر فيه الظلم من الجند وضعف الرك المغربي جعلوه وراءهم ذهابا وإيابا نعم لما تقوى ركبنا كثر نحو المصري غاية المصري كثر فيه الإبل والخدام فتشعب (١) أمر المغربي فاجتمع رأي جميعهم على السبق أعني الفلالي والجزائري والطرابلسي لا سيما أن سلطان فزان هو الذي قدم بنفسه قد اشتهر بالعدالة فاتفق أمرهم على التقدم بل تعاهد الجميع على ذلك غير أن الفزاني تأخر في مكة وكذا الفلالي فلم يسبق إلا ركبنا الجزائري غير أنه قوي قوة عظيمة لو اتفقت كلمته إلا أنه وقع فيه النزاع لأن الشيخ سيدي محمد المسعود نجل الشيخ سيدي الموهوب نجل البركة سيدي محمد الحاج
__________________
(١) في نسخة تقوى.