هذا في أبان الحر الشديد ولذلك خلفنا ثيابنا بمكة ولم نلبس منها إلا ما يوافق الوقت وقضينا عجبا من شدة الحر والبرد في المكانين المتقاربين قال ثم ارتحلنا من ذلك المكان قرب صلاة الصبح وهبطنا عقبة هنالك وهي دون التي طلعناها بكثير إلا أنها وعرة وسلكنا في شعاب ذات مياه غزيرة ونبت ملتف إلى أن خرجنا إلى قرن الثعالب الذي هو ميقات أهل نجد بإزائه قرية ذات مزارع وأشجار من أنواع الفواكه حولها واد يسيل ماؤه وتجاوزناها قرب الطلوع وسلكنا بين تلول هنالك في صعود وهبوط واستواء إلى أن وصلنا بلد الطائف وهي وقصور في مستو من الأرض تحيط به جنات من نخيل قليل وأعناب كثيرة وفواكه مما يشتهون وقصدنا المسجد الأعظم.
ومن الأماكن التي تزار ببلاد الطائف البلد نفسه فقد وردت آثار تدل على فضله وانه منقول من الأرض المقدسة نقله جبريل عليه السلام بإذن الله تعالى وورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم حرم عضاه وجّ (١) وهو الطائف وهو عند الشافعية كحرم مكة لا يقطع شجره وكفاه هذا هذه فضيلة شارك فيها الحرمين الشريفين.
ومنها قبر ترجمان القرآن حبر الأمة سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو في قبلة المسجد الأعظم من يمناه وعليه بناء فخم وحوله على يسار (٢) الداخل من الباب قبر البطل الهمام والليث المقدام فارس بني هاشم سيدنا محمد بن الحنفية ابن أمير المؤمنين مولانا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وفضائله مشهورة وسبب انحيازه هو وابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إلى الطائف مذكور في التواريخ وبإزاء
__________________
(١) كذا في الرحلة الناصرية وهو الأصوب كما في نهاية ابن الأثير وتاج العروس وأما جميع النسخ ففيها حرم أمورا كما في مكة.
(٢) في الرحلة الناصرية يمين.