من الساج مخروطة على هيئة أعمدة الرخام المخروط صليب عودها يحسبها من لم يتأملها رخاما أحمر.
قال وأخبرني شيخنا أبو مهدي انه يقال أن أعمدة ذلك المسجد جلبت في صدر الإسلام من كنيسة بأرض الحبشة عند ما افتتحها المسلمون قال وقد شاهدناه في هذه الخطرة من العافية التي بسطها الله تعالى في الطرق والقرى والأمان التام ما قضينا منه العجب فمن ذلك أنا لقينا عيرا في ليل مظلم تحمل أحمالا من البر الهندي والقماش الرفيع نحوا من عشرين جملا وطلبنا أحدا من أصحابها نسأله عن أخبار البلد فلم نجد معها أحدا وذهبنا نحوا من ميل فوجدنا أصحابها في قهوة مستريحين وأخبرونا أنها لو ذهبت كذلك إلى مكة لم يتعرض لها أحد وأخبرونا بعجائب من مثل ذلك وقعت في أيام الأمير زيد ووالده محسن.
فمن ذلك أنهم زعموا أن رجلا جاء إلى السلطان محسن فقال له أني وجدت في البلاد الفلانية حملا من البز في الطريق فقال له ومن أخبرك بأنه من البز فقال له مسسته برجلي فأمر بقطع رجله وقال له لم مسسته برجلك إلى غير ذلك من أمثال هذه الحكاية لا نعلم صحيحها من سقيمها.
ومن لطيف ما شاهدناه من أمان هذه الديار وعافيتها أن المسافرين من مكة إلى جدة ومن جدة إلى مكة يكترون الحمير للركوب ولا يذهب صاحب الدابة معها فإذا ذهب المكتري إلى المحل الذي ذهب إليه أرسل الحمار ولا عليه فيه ولا يأخذه أحد إلا ربه إن كان في ذلك البلد أو نائبه ولكل واحد من أصحاب الدواب نائب في غير البلد الذي هو فيه يعرف دابته ويقبضها حتى يكريها ممن يرجع إلى البلد الذي هو فيه وهناك من فاره الحمر ما يقضي العجب من سرعتها.