واقفا عنده حائرا إلى أن جاء البدوي فلما رأى ذلك قال على حسب نيته واعتقاده جاد يا أبا طالب جاد يا أبا طالب جاد يا أبا طالب جاد يا أبا طالب أطلقه الآن وقد قضيت حاجتي وانطلقت يد السارق وذهب.
ومن المزارات قبر الولي الصالح القطب الشهير الذكر عند أهل مكة وأعرابها سيدي عمر العرابي وغالب السائلين بمكة والمستصرخين إنما يهتفون باسمه وأهل البادية تسمع الرجال منهم والنساء يقولون شيء لله يا عرابي وهو عندهم عظيم القدر شهير الذكر وحق له ذلك فانه كان من أئمة الطريق رضي الله تعالى عنهم.
ومن الأماكن التي لا ينبغي للمجاور أو من معه نفس من الزمان إهمال زيارتها والورود عليها مدينة جدة وما بها من المشاهد كالمحل الذي يقال أنه فيه قبر أمنا حواء وممن جزم أن قبرها بها ابن خلكان في ترجمة ابن قلاقس الشاعر وذكره أيضا في ترجمة أخرى على أن جدة في نفسها من أعظم البقاع فقد ورد فى فضلها وفضل المقام بها والرباط فيها عدة آثار نقلها أهل الأخبار وهي مدينة كبيرة ممتدة مع ساحل البحر نحو ميلين في كلا طرفيها حصار متقن البناء فيه مدافع كثيرة وعسكره لا يفارقه.
قال الشيخ أبو سالم وقد رأيت في الحصار الغربي منها ما يستغرب وصفه من المدافع طولا وكبرا وقد رأيت فيها مدفعا له خمسة أفواه بصنعة غريبة وفي مرساها سفن كثيرة كبار وصغار وغالبها معمول بالشريط بصنعة عجيبة ليس فيها مسمار ، وهي مع ذلك كبيرة المقدار ، متباينة الأقطار ، واسعة الإنحاء تحمل أضعاف ما يحمل غيرها من السفن وأسواق البلد ممتدة مع جانب البحر وغالبها أخصاص واسعة مفتحة إلى البحر وإلى ناحية البلد فيها قهاوي ومجالس حسنة يبالغ أصحابها في كنسها وتنظيفها ورشها بالماء وفيه جلوس غالب أهل البلد وقد اتخذوا فيها أسرة كثيرة منسوجة بشريط المسد بصنعة محكمة ومسجدها الكبير من أجل المساجد فيه أعمدة