والفقير صار غنيا فيه فالضيافة المعنوية أعظم لأنها المغفرة الشاملة ، والرحمة التامة ، والنعمة العظيمة ، والمثوبة القوية ، بحيث يكون كل أحد مغفورا له ، ومنعما عليه ومقربا منه ، ومحبوبا لديه وآخذا بيده ، إذ ما كل موضع من تلك الأماكن الشريفة ، إلا له خاصية عظيمة ، في الغفران والاستجابة وكل ذلك فضل من الله تعالى نسأله سبحانه أن يعمنا فضله ، ويتحفنا برضوانه ، ويعاملنا بإحسانه ، وقد انقضى عنا يوم العيد وبتنا تلك الليلة في منى في نعمة شاملة ، وبركة عظيمة ، وعلينا منار الحج.
بلغت يا نفسي المنى في منى |
|
وقد أزال الله عنك العنا |
فاستنفذي وسعك في حمده |
|
وشيدي منك بناء الثنا |
ثم عمرت الأسواق ، وكثرت الإنفاق ، وأخرجت البضائع ذوات الأثمان وصنوف التجارات وتزاحم الناس على الشراء رجاء بركة ذلك المكان في ذلك الزمان وأكثر التحار يقولون من اشترى شيئا في منى وجعله في تجارته وجد بركته وظهر له ثمرته ولا يبعد ذلك فانه موسم شريف ومحل بركة وتشريف يأتيه الناس من كل فج عميق ليشدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معدودات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام وقد عمهم الله فيه من أمر دنياهم وأخراهم بغاية الإنعام ولما زالت الشمس توضأنا فخرجنا لرمي الجمرات الثلاث بلا مهلة ولا توان مبتدئين بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف ووقفنا عندهما وقوفا ظاهرا بينا سائلين الله تعالى حوائج الدنيا والآخرة مبتهلين متضرعين لله عز وجل إذ المطلوب الوقوف عند الأوليين مقدار سورة البقرة عند الأولى وفي الثانية دون مقدار آل عمران وإن لم نقف كذلك فقد وقفنا قريبا من ذلك عند الأوليين ثم سألنا الله الرحمة والعافية والتوفيق لنا وللأحبة ولجميع المسلمين عامهم وخاصهم لا سيما القريب لنا في الله وفي الدم.