والبيت الآن على ثلاثة أعمدة من العود ونقضوا منه من جهة الحجر مقدار السلم ولما فرغنا من الطواف ركعنا خلف المقام وأكثرنا من شرب ماء زمزم عند ذلك وأني شربته بنفس اشتياق قذفت منه طعم الحليب السحن ولقد سألت عن ذلك من ظننت فيه الذوق أخبرني بذلك ولا سعي بعد طواف الإفاضة [لمن قدم السعي عند طواف القدوم ونحن قد سعينا عنده فلا سعي بعد طواف الإفاضة](١) وكثير من الجهال يعيد السعي وهو عذاب من غير فائدة إذ الأول كاف حاصله أن السعي لا بد وأن يكون بعد طواف وأما كونه بعد طواف واجب فيجبر بالدم وكثير من المتفقهة يعتقد أن من لم ينو الفريضة أعاد السعي كما حكاه الإمام أبو سالم وليس كذلك إذ شرط صحة السعي أن يكون متوقفا على الطواف وأما كونه واجبا فيجبر بالدم إذ كونه بعد طواف شرط وكونه بعد الفرض واجب فيجبر بالدم فإن من سعى بعد طواف القدوم صح ولو لم يستحضر نية الوجوب لأن نية الإحرام كافية إذ النية عند الأجزاء غير شرط كما في الصلاة. وبالجملة فإن علم التلازم بين السعي والطواف فلا دم وإلا فدم إذ الفريضة هي العلم بالتلازم بين السعي والطواف إلخ ما ذكره انتهى.
وقد ذكر الشيخ يحي الحطاب وكذا والده في شرحه على المختصر أن من سعى بعد طواف الوداع أو طواف تطوع يؤمر بإعادته إن كان بمكة وإن تباعد لزمه الهدي وقوله ونوى فرضيته أي فلا بد أن يكون السعي بعد طواف ينوى فرضه كطواف القدوم وطواف الإفاضة هذا معناه وإن كان هذا غير ظاهر منه أنظر الشيخ إبراهيم الشبر خيتي وغيره.
ولما فرغنا من الطواف استرحنا ساعة في أخريات المسجد بل صلينا المغرب فيه وقد خالفنا السنة لأنه من السنة أن يأتي الإنسان قبل الزوال فيطوف ويرجع ويصلي
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في نسخة.