أنه هو وإن لم نعرف الحدود ثم كذلك إلى أن وصلنا جمرة العقبة فرميناها كما قال شيخنا بالتكبير إلخ.
فرجعنا فمن عنده هدي ذبحه ثم حلقنا كما هو السنة ثم ذهبا إلى مكة في غير وقت الفضيلة وهو قرب العصر لطواف الإفاضة وهو ركن فطفنا ذلك الوقت فوجدنا باب الكعبة مغلقا لأنه يفتح ذلك اليوم غير أنه عند الزوال فمن أسرع أدركه ومن لا فلا ونحن أشغلنا أمر الأهل فمنعنا من المشي ذل الوقت غير أن الأركان قد تمت وان فاتني الدخول ذلك الوقت فقد دخلناها مرة أخرى والحمد لله إذ دخلت في الليل غير أن الزحمة كثرت على الباب فلما دخلت الكعبة وجدت فيها فسحة عظيمة وهي مملوءة بالناس والزمان زمان الحر وركعت ركعتين وجعلت الباب وراء ظهري ثم ركعتين ركعة لكل جانب منها وقد علاني من الهيبة ما لا يعلم به إلا الله فينبغي للإنسان أن يصحبه الإجلال والهيبة النورانية والعظمة والابتهال والخشية والتذلل والمسكنة فيعتقد أنه ضيف ربه وأن الرحمة قريبة منه هناك فلا ينبغي أيضا النظر إلى السقف إلا للعلم به فيخف الأمر كما ذكره شيخنا المتقدم حاصله يستحب الدخول إليها إلا إذا كانت زحمة فلا يليق دخولها بل تركه أولى هذا كله إذا كان فيه السلامة من الأذية للمسلمين وإلا فيحرم نعم الحال يحمل الإنسان على أكثر من هذا وقد حصل لي عند الدخول أمر عظيم لا أستطيع التعبير عنه إذ ورد علي حال عظيم وابتهال قوي وقد طال بقاؤنا فيها حتى قضينا حوائجنا على التمام والوفاء فالله يتقبل منها ومن كل من كان معنا بمنه وكرمه إذ يحدث عند الدخول أمر عظيم لا يمكن التعبير عنه غير انه لا ينبغي رفع البصر فيه إلى السقف بل يستشعر الداخل عظمته وحرمته وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت عجبا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة كيف يرفع بصره قبل السقف ليدع ذلك إجلالا وإعظاما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فما خالف نظره موضع سجوده حتى خرج منها صلى الله عليه وسلم.