فإن قلت قراءة البسملة في الفرض مع نية الخروج من الخلاف وكذا نية الوجوب بالوقوف بالمعشر الحرام مخالف لمذهب مالك والقائل به ممن يقتدي بما لك فكيف يمكن الجمع بينه وبين هذه المذهب.
قلت لا أشكال في ذلك والله اعلم لأن مذهب مالك كراهة البسملة واستحباب الوقوف بالمشعر الحرام فما هذا إلا كونه احتياطا مع نفي الخلل بفعل ذلك فالحاصل أن الاحتياط في الشيء مع كونه غير موجب للخلل في نفس العبادة هو من قواعد مالك إذ مذهبه مبني على سد الذرائع والاحتياط فهو من لازم مذهبه وإن كان ليس صريحا من مذهبه وإنما تكره البسملة في الفرض إذا نوى أنها آية من الفاتحة جز ما فذلك مكروه على مذهب أمامنا وأما أن نوى الخروج من الخلاف احتياطا فإن مالكا لا يقول بكراهته بل لو سئل لقال بكونه حسنا وكذانية الوجوب في الوقوف بالمشعر ومثلهما في الفقه كثير.
فلما وقفنا وجدنا أمير مصر واقفا هناك داعيا مستقبلا المحل المذكور وهو من طرف المزدلفة من جهة منى فسألنا الله تعالى في الوقوف به سؤال مضطر ذليل خاضع (١) وكل من رآنا من الركب وقف معنا وسألنا عن ذلك الموضع فأخبرناهم به وانه يستحب الوقوف عنده وانه من شعائر الحج ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ووقفنا عنده وقوف قربة وطاعة إلى طلوع الشمس وانتشارها فسألنا الله تعالى قبول حجنا وإخلاص سغينا وربح تجارتنا وزال الحجاب عن سرائرنا والدخول لحضرة الله والتمتع بالنظر لوجه الله تعالى والموت على حسن الخاتمة بمنه وكرمه وأن يجعل البركة في ذريتنا وأن يرزق الأخذين عنا بالعلوم والمعارف الإلهية والفتوحات اللدنية والمواهب الربانية والأخلاق المحمدية والتخلق بأوصاف الله تعالى التي يجوز
__________________
(١) في نسخة سؤال اضطرار وذل وخضوع.