لما علمت أنها ضيقة وملكها ليس كملك تونس.
وقد سمعت من الفاضل الكامل السيد علي الخزناجي صاحب الرحمة والدولة الشاملة ذي اللطف (١) واللين وعدم الظلم المبين دولة محمد باشا الذي قتله غرناؤوط ليتولوا أمره فلم يرجعوا أصلا قتلوا فتولاها علي أبو الأصبع بعد موت السلطان والخزناجي يقول أن ما يدخل تونس في يوم يعدل ما يدخل الجزائر في العام بل ما يدخل تونس أكثر بل قالوا إنما يدخل الجزائر في عام يدخل تونس في عصر يوم واحد إلى الغروب والله اعلم فلم تكفهم الأموال ولأن مادة البحر في الجزائر أوسع من مادة البر وعلى تقدير وجود الأموال فقد صرفها أهلها في شهوات أنفسهم كالملابس والمآكل والمشارب بل بنوا الحصون بها والأبراج والأسوار والثغور وأقاموا العساكر والنوبات في كل محل مخوف كثغر بجاية وجيجل والقل وبونة وغير ذلك مما يحتاج إليه الحفظ من العدو كذلك المحال التي طغت فيها العرب وزاغت فيها أهل البدو كتبسة وزمورة وبسكرة وحمزة وبوغني وسبا وكذا ثغور المغرب أمدهم الله بمدده وأيدهم بجنوده ونصرهم على العدو برا وبحرا وجوفا وقبلة مع التوفيق والعدل والاستقامة والفضل وحفظهم من الظلم البين وأزال منهم المناكر البينة والمعاصي الظاهرة والكبائر ليكونوا على ذروة الدوام وقصبة التمام وإلا فالظلم مهلك لصاحبه قل أن يسم صاحب الفجور ومظهر اللواط والزنا والخمور وقد قال صلى الله عليه وسلم لم يكن شيء أسرع بصاحبه كالظلم فكل واقعة من وقائع الهلاك إلا كان سببها الظلم والتعدي ما أحسن العلم إن قارنه الحلم وما أقبح الجهل إن قارنه الظلم.
وهذه المدينة غير خالية من العلماء ولا من الفضلاء والصلحاء غير أنها سريعة بأهل الصلاح فمن ظهر فيها بالقبول والفضل إلا أسرعت بهلاكه فيقبض ساعتئذ
__________________
(١) في نسخة الشاملة التي ذات اللطف وفي أخرى بإسقاط التي فليحرر.