بسكرة فدفناه هناك وقد اجتمع عليه جمع كثير وجم غفير وذلك من علامات سعادة الميت ولذا قال أحمد بن حنبل بيننا وبينكم الجنائز وقد أسلم عند موته بين اليهود والنصارى ثمانية آلاف وقد انغلقت الدكاكين والأسواق شهرا لعزائه وقد صلى عليه من الناس نحو الثمانين ألفا وغير ذلك من فضائله جعل الله هذا القاضي من أهل الجنة وغفر لنا وله بمنه وكرمه ثم أن أهل عرام أتوا إلينا بالتمر الجديد اليابس والرطب بارك الله فيهم وجعل الصلاح في ذراريهم آمين يا رب العالمين.
ثم ذهبنا من عرام إلى أن وصلنا قرب قابس فبتنا هناك خير مبيت فظعنا صبيحة فنزلنا خارج قابس عند الباب الشرقي في فسحة عظيمة تجاه (بضم التاء) أبي لبابة بعيدا منه من جهة البحر فلما قربنا النزول ذهبنا قبله على خيولنا لزيارة أبي لبابة الصحابي المعلوم وقد ذكرته في الطلعة وما قيل فيه عن ابن ناحي انه الصحابي المعلوم دفن هناك وعليه مدرسة عظيمة ومسجد كذلك فيه طلبة علم يتعلمون فيها وفيها أمام فاضل عالم عامل ممن يخشى الله ويتقيه وهو من خصوصية أصاحبنا قديما إذ عرفني في الحجة الأولى مع جماعة من الفضلاء منها وهو سيدي عمر إذ هو المدرس فيه وهو ممن يفهم عن الله ومتعلق بمن يراه من أهل الله زاده الله رفعة وقدرا وجاها ومنزلة اجتمعت معه في الطلعة وفي هذه مع صلحاء قابس وفضلائها وعلمائها وقد اجتمعوا معنا وطلبوا منا البحث في بعض النوازل من مشكلات الفنون وقوانين العلوم فاسفعتهم على ذلك بحس ما فتح لي من الوهب الرباني والمنح الفرداني فزادهم ذلك حسن ظن واعتقاد وعجبا من الله حيث لم ينقطع مادة الفتح والوهب اللدني لا سيما لما رأوا بعض المؤلفات لنا فزادهم تحركا لهممهم وتعاظما لمقاصدهم غير أنهم استقلوا مدة الإقامة عندهم ليشفوا عليلهم ويبردوا غليلهم فلم ترتفع وحشة الاتصال من قلوبهم خوفا من الفرقة فقالوا نعم الملاقاة لو طالت وهذا وصف كل من اجتمعت معه في كل بلد مكة والمدينة ومصر وطرابلس إذ الكل يتأسفون على عدم