برشاقة القد وحسن الخد وهيئة الركوب وزينة الملابس وسعة البيوت ولهم جاه عظيم عند سلاطين تونس فإن محلة الأعراض أعني محلة زواوة (١) التي تأتي إلى نواحي قابس على أيديهم والحكم فيها حكمهم.
حاصله قد دخلنا أرضهم متبركين بنا ومغتنمين ما كان لدينا (٢) فأنهم محل بركة أيضا قد نوينا زيارتهم أيضا فإن لهم أصلا في كل المعالي وكذا الحمارنة قد انعقد لهم لواء العز واشتهروا بأمر الفضل وقد علمت أن كل وطن إلا وجعل الله فيه نورا يستضاء به وسيفا يقهر به عباده فلا يزال العصر دائم الأمداد بهؤلاء القاهرين للعباد وإنما الفرق قلتهم وكثرتهم بحسب الزمان وأهله وإن انعدموا رأسا في وطن من الأوطان خرب وهلك وقد قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فإن العلماء والفضلاء خيار هذه الأمة وهذه الأمة خيار الأمم ولذلك ارتفع المسخ أي مسخ الظاهر وأما مسخ القلب فقد بقي لم يرتفع فتجد طبائع الإنسان على طبائع الحيوانات فمنهم من يكون كالثعبان ومنهم كالخنزير ومنهم كالقرد ومنهم كالذئب فكل معصية تستدعي كسوتها لقلب فاعلها هذا إن لم يدم عليها وإلا مات على سوء الخاتمة والعياذ بالله لأن كثرتها تورث ذلك غالبا أنظر المدخل هذا وأنا مررنا ببلد الحمارنة إلى أن وصلنا إلى عرام فانه محل أجدادهم وموضع خزائنهم يسكنها من لا يقدر على البادية منهم.
وهي قرية طيبة ذات مياه عذبة ومزارع وبساتين ومن مات منهم دفن فيها وفيها مزارات كثيرة وروضات مبنية تراها كالنجوم في السماء ومررنا عليها صبيحة عند الضحى الأعلى فمات عندنا الفاضل الكامل الفقيه النبيه محبنا ومعتقدنا قاضي محروسة
__________________
(١) في نسخة زوارة.
(٢) في نسخة متبركين بهم ... لديهم.