هيئة عظيمة ونشأة كبيرة توجهوا من سلطان توسن القادمين بالهدية منها وهي هدية عظيمة قد سروا بها وإن ذهبوا بهدية إليه فهذه الهدية أكبر وأعظم وأجسم وأحلى وأكرم فلما عرفونا نزلوا إلينا وعظمونا وتبركوا بنا وبشرونا بوصول سيدي أحمد الطيب وأصحابه وولدي وعيالنا إلى تونس حرسها الله من أيدي الأعداء وشهوب (١) التبديد والعداء فسألناهم عن كيفية أحوالهم فقالوا خرجوا على خير وسلامة بعد أن عذبوا بانكسار المركب إلا أنه انفصل وتبدد بعد نزولهم منه في المرسى وإنهم سكنوا دارا في تونس ينتظرون قدومكم وأما سيدي أحمد الطيب فقد أنفصل إلى بلده استعجله الحجاج وأرادوا تعجيل الأوبة.
ثم مررنا كذلك إلى أن وصلنا إلى قصر الملح وهي سبخة قريبة منه تحمل منه السفن وملحها مفضل على سائر السباخ ومنها يمتار أهل البلاد النصرانية وكأنه طرف من السبخة التي بتوزر وأهل ذلك الموضع يزعمون أنهم إذا رفعوا ما على وجهها من الملح ووصلوا إلى تراب الأرض احتفروا فيه قليلا فوجدوا طبقة أخرى وكذلك إلى سبع طباق وهم يحفرون إلى الطبقة السابعة لأن النصارى يتغالون في شرائه منهم ويذكرون أن له عندهم منافع عديدة إلى غير ذلك انظر رحلة شيخنا المذكور.
ثم ظعنا من ذلك المحل فسرنا في بلاد النوائل وهي طائفة صعبة كادت أن تكون كالقبر فلا يمر عليه أحد إلا متروع إذا سلم منهم (٢) ونحن قد وجدنا البعض منهم ظاعنين فلما رأونا فرحوا بنا وصاروا يلعبون على خيولهم طلبا للدعاء واغتناما للبركة إذ سمعوا بنا في غير هذه الججة وعلموا بعض أحوالنا بأخبار مرابطيهم وأعلام
__________________
(١) كذا في جميع النسخ ولعله شهب.
(٢) في نسخة إلا جرّدوه.