يتبحر في إحداهما ، ولا يتجاسر على أهلهما ، حسن الاعتقاد ، خال عن البحث والانتقاد ، ينطق بالحسن والجمال ، ويغض عن العيوب والسؤال ، ريحانة العارفين ، ويسلك مناهج المتقين ، فابن أبي جمرة وصاحب المدخل ديانته ، والقرآن والسنة هدايته ، فلا يعلو عن أهل الهدى ، ويتكبر عن أهل الاعتدا ، وإن خالطهم فعلى طرف اللثام ، وليس بجد واعتناء واهتمام ، وإنما هي جنة لعرضه ، ووقاية عن شره ، وضره يصرفه لمن يشاء يكاد سنا برقه ، فلا يزعم إذا تحدث ، فيوفي بالعهد ولا ينكث ، منور السريرة ، قوي البصيرة ، عقله وافر كامل ، وهو حافظ وناقل ، لا يخلو عن حكمة وفائدة ، ولا عن منة وعائدة ، يراعي الإخوان ، ولا يسرع بالهوان ، ولذا لا ينكر الإحسان ، ولا ينقطع عن السنة والاستنان ، دائم الفكرة ، قوي العبرة ، حسن العبارة ، يقنع بما وجد ، ولا يختل إذا فقد ، فيشكر الأنعام ، ويرضى بضده بما يصيبه من الآلام ، منذ عرفته يزداد لدي وداده ، ويصعب علي ابتعاده ، ما أحسنه وألطفه ، وأرحمه وأرأفه ، تقصر العبارة عن أوصافه ، إذ الكرم والجود في معدن أسلافه ، شريف النسب ، قوي الأدب ، السيد النوراني ، الشيخ محمد العربي الفرجاني ، أعز الله رفعته ، وأدام نعمته ، وأنفذ في الحق كلمته ، ونفع به أمته ، رضي الله عنه وأمد بالعلم ذريته ، وأحسن في الخق سيرته.
نعم اجتماعنا رحمة ، وافتراقنا عذاب ونقمة ، جمع الله بيننا في الجنة مع النظر إلى وجهه الكريم.
وقد اجتمعنا أيضا بالفاضل ، والعالم الكامل ، والسيد الجليل ، والفقيه النبيل ، ذي الإرادة والأوراد ، والعدة والاستعداد ، وذلك موروث عن الآباء والأجداد ، الشيخ النوراني ، والمحقق الصمداني ، والسيد الفرداني ، الشيخ محمد السوداني ، كان الله له دينا ودنيا بمنه وكرمه.