ونعته نعوت المتقين ، أدام الله أشراقه ، وأدام إنفاقه ، وأعز صعوده ، وأرتقاءه ، وجعل البركة في ذريته على الدوام ، وأناله ما نال أبوهم بلا كد واهتمام ، وإنما هو فضل من الله ورحمة مع إكرام واحترام ، بمنه وكرمه.
أقول لما نزلنا في دار سيدي محمد الشريف النوفلي البلغيثي وكانت ثيابي رثة ، بالية الجثة ، متوسخة الأطراف ، أضناها السفر وعدم التبدل فيها والاختلاف ، أتى إلينا المحقق الفاضل ، والأخ الكامل ، سخي النفس ، صادق عند الضر والبأس ، الموفي بالعهود ، ونظيره في الناس غير موجود ، الأديب على الإطلاق ، المحب بالاتفاق ، مفتي الأنام ، المبديء بالإحسان والسلام ، فإذا أحسن أغنى ، النخبة المختار الأسنى ، فليس يرجع في وداده ، فأن رأى محبا تقوى له في استعداده ، فإن لم يصبه وأبله فطل من أمداده ، وكذا أبوه وأجداده فهم رجب الكرام ، ودار إحسان لأهل الإسلام ، محلهم لأهل الله دار راحة ومقيل ، السيد الشيخ محمد بن مقيل ، كساني بثياب جديدة حائكا جديدا وقميصا كذلك وبشماقا وقلنسوة كساه الله وأولاده كسوة العارفين بالله تعالى وأدام علينا وعليهم ستره وحلّانا وإياهم بحلية أهل الإنابة من المتقين ، ثم اعتنى بنا بالإحسان ، وجد في أمورنا بالفعل واللسان ، دائما لا يغيب عنا ، وعلى الدوام يدور بنا ، دوران الخديم بالسادات ، مكنه الله وإيانا مع ذرية الجميع من أعلى الدرجات ، فإن احتجنا شيئا وكان في دراه أعطاه ، وإلا فمن السوق سأل عنه واشتراه ، فلا يبخل بالطعام ، ولا يغتم بكثرة المجتمعين من الأنام ، واسع الموائد ، كثير الفوائد ، كريم بما تشتهي النفوس ، وتلذ به الأرواح من المعاني والمحسوس ، مادة الكتاب عنده في كل علم لا تعد ولا تحصى ومن أجل ذا وقوة هذا أهله رؤوس ، فكل فن إلا وفيه عدة من الكتب متكررة ، تراها تمد لك المرة بعد المرة ، جعل الله داره مرسى ، وحياة لكل علم وسنة تنسى ، إذ إنهم قرى للضيف ، ونزل لابن السبيل والضعيف ، فيميزون بين الوضيع والشريف ، لا قطع الله عنهم مادة الصيف والخريف ، دائما له ولذريته من غير