وشرقا ، يدق في الإخلاص ، ويراعي مراتب أهل الاختصاص ، فيحق به الاقتداء ، ويعتبر في الإرشاد والاهتداء ، ويسد باب الخلق إدبارا وإقبالا ومدحا وذما عليه سدا ، يختار للصحبة أهل الحق ومن ينهض حاله ، ويدل على الله مقاله ، جدا واجتهادا ، فما أحسنه خلة وصداقة وصحبة وودا ، ورعاية واعتبارا وودادا ، غير أن من لا يعلمه ، وليس على الحقيقة يفهمه ، يظن ضد ما ذكرناه فيه ويصد عنه صدا ، وربما طغى لسانه ، وتدلى عنانه ، وقال ما سولت له نفسه وهدما عليه من الصدق والتصديق بناؤه بسوء طويته وقبح ظنه وقوة حسده هدا ، رضي الله عنه وقد اطعم كثيرا عند وصوله نحو السبعين مائدة من العيش كل مائدة تطعم كيت وكيت من الناس ، وخيره ظاهر بلا التباس ، يحصل منه بلا مشقة ولا كلفة ولا بأس ، وربما من رأى ظاهره من انقباضه وعدم بسطه وإقباله قال بكون بخيلا ، وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وإنما هو كريم النفس تنزلا وتنقلا ، غير انه يختار لإحسانه أصلا وفرعا وحالا ومآلا ، وعلما وعملا وورعا وهيبة وإجلالا ، فما أدقه في الباطن ، وأعرفه بالكمائن ، وأعلمه بالوقائع والضغائن ، فنعم الرجل من يعتمد عليه ، فيسلك وينتهي إليه ، إذ هو حي دائما ، متيقظا فاهما ، لا يأمن النفس في مرعاها ، يحق له التحقيق ، ولا يسلك إلا أحسن طريق ، فنمطه بين ، وأخذه سهل لين ، يكبر على المتكبرين ، ويعلو على المتجبرين ، وهو عبد للمتواضعين ، وخديم لأهل الصدق والحق والتمكين ، يرفع نعالهم ، ويبلغ مأمولهم ويجبر عليلهم ، ولأهل الحيرة والريب دليلهم ، ليته ظهر للخلق بحقيقة ما عليه ، وينجلي وصفه بين العامة من خلق الله في أرضه وسمائه ، قد خفي بوصف الله ، وظهر بنور الله ، عزيز في الوجود ، ونظيره في الخلائق مفقود ، أحمد الله على معرفته ، وأشكره أن جعلنا من أهل مودته ، فليس يملك معنا شيئا بل يقدم نفوس الأخوان ، عند الحاجة والاضطرار بلا امتنان ، فلا يمن فعله ، ولا يكثر لهجه وقوله ، فقوله حق ، وكلامه صدق ، تقصر العبارة عن كماله بالنطق ، حاله أحوال الصديقين ،