الخفيف كما هو ألسنة واللبن فلما وفينا ذلك مع حصول المقصود وسألناه الذهاب فقال حتى يتغدى جمعكم فألح علينا فلما علمنا قصده وقوة رغبته وافقناه على غرضه فانتظرناه إلى حصول مقصوده وتمام مطلوبه وهو لا بأس به في العلوم لا سيما مسائل الفقه وبعض مسائل النحو حاصله أنه عالم فاضل ففيه أخذ من كل فن بنصيب بل وجدنا فيه أكثر من الظن فلما حصل المقصود دعون الله لهم ولإخوانهم ولأحبابهم ولذريتهم أحسن الله إليهم وجزاهم عنا وعن المسلمين خيرا.
ثم زرنا القطب الصالح والغوث الواضح الشيخ عبد السلام الأسمر فانه مجاب الدعوة وقبره روضة وحريمه لا يتعدى عليه أحد فمن وصل إليه سلم ونجا أفاض الله علينا من نفحاته وقد رغبنا عنده فدعونا الله لنا ولأقاربنا والمسلمين والمسلمات ثم انفصلنا عنه سويعة لقينا رجل أظنه من أهل الوقت ومن أهل التصريف ثم لحقنا الركب نازلا على أطراف البلد فأتى إلينا جمع من طلبة العلم كالعلامة الفقيه ولد الشيخ سيدي سالم غير المذكور وقد اجتمعت معه في الحجة الثانية ومعه فضلاء وعلماء فتكلموا معنا في العلم بحسب ملكتهم وقوة بحثهم رضي الله عنهم وأرضاهم وكذلك من سبق ممن اجتمع معنا فعلماء طرابلس النحو فيهم القطر وشراحه وحواشيه تقل فيهم الألفية وشراحها وكذا يقل معهم المختصر وأما التوحيد فقليل الوجود فلا تجد من يحققه من مصر إلى وطننا هذا وما اشتغال مصر إلا بعلم المنطق أما طرابلس وعمالتها فقد ضاقت على أهلها المعيشة وما هي إلا بالكد والجد والسعي الكثير ومع ذلك فلا يستقرون على طائل فقد انعدم التدريس للعلم في طرابلس وقل الاشتغال بالعلم رأسا فلا تجد مجلسا فيه وكيف يتصور العلم فيها مع أن علماءها أفضل علماء الأوطان غير أنه لما انعدم التدريس منهم صاروا قاصرين لعدم أنفاق العلم فإن العلم يزيد بالإنفاق وينقص بعدمه فلما ضعف أمر البلاد قصر العلم بل كاد أن ينعدم العلم رأسا ومن أراد العلم فليذهب إلى مصر وإلى تونس أو إلى جربة مدرسة