ذلك من الناوين [لأنواع الخير من](١) حج وجهاد وزيارة وعلم وتعلم وإفادة واستفادة وأنواع الخيرات على اختلاف أصنافها وتنوع أجناسها فإن عشنا فعلنا وإلا كفتنا تلك النية كما ذكر ذلك صاحب المدخل أبو عبد الله ابن الحاج عن بعض الفضلاء المجتهدين في إتباع آثاره صلى الله عليه وسلم واقتفاء أحواله وقد قال صلى الله عليه وسلم يبلغ المرء بنيته ما لا يبلغه بعمله وقد علمت أن حكمة الجزاء بالخلود للمؤمنين في الجنة وبخلود الكافرين في العذاب بالنار هو انه على حسب نية كل من المؤمن والكافر فإن المؤمن لو بقي على الدوام في الدنيا ما أحب أن يسلب إيمانه وكذا الكافر ما أحب أن يسلب كفره فكل منهما ينوي التأبيد فيما حصل عنده فلا يبغي الانتقال عنه أصلا فجزاهم بالخلود في المحلين على حسب نيتهم وقصدهم وبالنية تنمو الأعمال وتزكو وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أن نوم العالم خير من عبادة الجاهل لما علمت أن نوم العالم صيره طاعة بنيته مثل أن ينوي الاستراحة والنشاط لتحصيل الفرائض أو النوافل وقد يجب النوم كما إذا علم من نفسه انه إن لم ينم فرط في صلاة الصبح كما قاله الشيخ زروق بل يحرم قياما الليل على من هذا شأنه كما صرح به أيضا.
وقد حكى صاحب المدخل المذكور عن بعض الأشياخ أنه كان يتسبب في بستانه هو وبعض تلامذته وإذا بشخص يدق على الباب فأراد التلميذ فتحه فقال له شيخه كيف نويت وما نويت فقال نويت فتحه فقال له الشيخ أجلس ففتح له الباب ثم صار يعدد له النيات التي قام بها إلى أن بلغ نحو الثمانمائة (٢) وهو فتح إلهي ووهب صمداني ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وأي فقه أعظم من هذا وأي فتح أولى منه. وقد قال صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري في صحيحه إنما الأعمال بالنيات أي
__________________
(١) ما بين القوسين بياض في ثلاث نسخ.
(٢) في نسخة خسم وعشرين نية.