وأحل محلك في دار العذاب والهوان أو كلاما هذا معناه ففهمنا عنه أنه أراد أن نقول له ترجع إلى محلك فيفرح إذ أني أشرت له أولا بالقضاء والله اعلم حين اجتمعت معه في مدينة طرابلس وأقبلت علي جماعة ابن غازي كالقاضي الجديد والمحب في الله نجل الود الصديق والخل الفاروق سيدي عبد اللطيف وجماعة من رؤسائها من أولاد الترك وغيرهم فتفضلوا علينا بالضيافة الطيبة والزرع وشيء من الزاد على قد وسعهم.
وقلت ولو لا الجدب والمجاعة لأغنوا جماعتنا بما نريد لأنهم في قوة الاعتقاد فينا وشدة حسن الظن في جانبنا وذلك وصف عمالة طرابلس فلما تبركوا بنا وبإتياننا لمحالهم واشترينا ما يخصنا من الزاد والعلف للخيل فطال بنا الأمر إلى أن عسعس الليل بتنا فيها.
وزرت الولي الصالح والشيخ الواضح الوحيشي وأدخلني ولده إلى داره وقبر الشيخ هناك فزرته وشاهدت عنده أمرا عظيما من الشهود والتجلي الذي لا يمكن التعبير عنه واجتمعت مع الفاضل الكامل الصالح سيدي (١) المغربي الذي استقر هناك بعد أن كان في مدينة درنة وعليه حلاوة الإيمان وطلاوته وعليه كسوة العارفين بالله فأحسن إليه سيدي عبد اللطيف المذكور وقد أشار علينا أنا وسيدي أحمد بن حمود بأن أمركم لا يكمل عند الله إلا بعد أن تزوروا المغرب (٢) فيكمل حالكم من هناك وقد كان ذلك من بعض العارفين قبله علينا أيضا فيقع الخاطر على الخاطر ، كما يقع الحافر على الحافر ، وهو من توارد الخواطر.
نعم قال ذلك لا بد أن يكون عن عجل تمم الله لنا الفائدة بمنه وكرمه ونحن على
__________________
(١) بياض في جميع النسخ ولم ينبه عنه في نسخة.
(٢) في نسخة المغربي.