في كثرة الزرع ولا في قتله.
وبالجملة فأهل برقة يموتون بالجوع موتا كثيرا عند أبواب الديار وإنما شأنهم معهم غلق الأبواب فترى السائل الكثير يصيح على الباب بالطعام إلى أن يموت على عتبة الدار فهلك من أجله (١) كثير من الناس وقد خاصمتهم وقلت لهم من مات منهم فإثمه عليكم لوجوب مواساتهم بما عندكم وإن بقيتم مثلهم فإن أمر النفس في الشرع عظيم فيخاف على بلادكم الخراب والهلاك بسبب الصد عن هؤلاء الجياع وأما في الطريق فلم ينصف منهم إلا الكاملان سيدي أحمد بن حمود وسيدي محمد الشريف فيركبان الصغار ويطعمان الكثير مع قلة الزاد حتى أردنا الفرقة والقسمة من شدة مواساة سيدي أحمد بن حمود لهم فرضي بالقسمة من أجل تغير الرفقة إذ قالوا ما يأكله هؤلاء العرب فنحن أولى منهم إذ نحن في الصحراء فلا مغيث لنا إلا الله فإن انقضى ما بين أيدينا صرنا مثلهم فنفس الإنسان أولى.
نعم سلمنا الأمر له في الظاهر فلم يقع بنا إلا الخير والعافية والحمد لله وأقمنا في مدينة ابن غازي يومين لشراء الزاد وعلف الخيل والبغال غير انه غال كثيرا وأنا قد صليت الجمعة فيها مع بعض أصحابنا في مسجدها العتيق والله اعلم.
وقد دخلتها مرة أخرى في حجتي الأولى في الرجعة وكنت اجتمعت بقاضيها سابقا فوجدته منعزلا متغيرا حاله من شأن العزل فإن ذلك من الأمر القديم فمنهم من يحب الولاية ومنهم من يكرهها وأما العزل فبالاتفاق على بغضه ووجود الاغتنام عنده وأما أمر الدنيا فيحمد الله تعالى فلما اجتمعت معه وعظته وقلت له أحبك الله حيث أخرجك من النار وولى عدوك وفي الواقع حبيب لك من حيث ناب عنك
__________________
(١) في نسخة من أجل ذلك.