قيمتها فشفى الركب غليله منها فساروا معنا من الضحى إلى وقت العصر ثم انفصلنا عنهم وإن أخانا السيد محمد الشريف باع فرسه التي ركب عليها وأعطيت له فرسي يركب عليها لأني أتيت بفرسين فلما ركب عليها نحو اليومين أو الثلاثة تركها وقال أنها رقيقة لم استطع الركوب عليها فبتنا بعد الانفصال عنهم.
ثم ظعنا فنزلنا مدينة ابن غازي على شاطئ البحر وهي مدينة طيبة فلا بأس بها لكونها مرسى في قربها سبخة وفيها بساتين من ناحية أخرى وأرضها طيبة المزارع بلدة طيبة مباركة تصلح للمال غير أن العرب جاروا عليها وعلى أهلها وأنهم غير متفقين نعم حكم الباشا نافذ فيهم وأخوه هو الباي يحكم فيها وقد امتلأت بالعرب وهم أعداء فمنهم ملتجيء بها ومنهم قاصد لأخذهم فلم يرتقب من أهلها غير أن بعض أهلها سلم فيهم وتركناهم مهتمين بأمر الأخذ باتفاق رأيهم ورأي أهل المدينة على أن من خرج من حريم العمارة أخذوه وقتلوه وسلبوه ومن بقي في حريم المدينة وقع الشك فيه فمن نظر إلى أهلها كف ومن نظر إلى العداوة وخذلان بعض أهلها أراد افتراسهم والانتقام منهم فخلفناهم على هذا السبيل وبعد ذلك سمعنا أنهم لم يصر لهم بأس منهم ما داموا عندهم غير أن طائف ارتحلت منهم وظعنت معنا من الخائفين إلى أن وصلنا مسراتة وتورغة فتفرقوا في الأوطان على المعيشة والجوع يقتلهم ويميتهم فلم يفد فيهم إطعام الركب غير أن أهل الركب ضجوا منهم فكل خيمة يقف عند بابها الستون سائلا أن أكثر فتراهم يردونهم بالشتم واللعنة والخزي وبعضهم بالضرب فلا يكادون يسمعون لتضررهم من شدة جوعهم فنادينا في الركب ولعل الله يسخرهم فنقسمهم على حسب الطاقة والضعف لأن ذلك واجب علينا فلم يسمعوا لنا لقلة زادهم ومدينة ابن غازي قد غلا سعرها غلاء فاحشا بحيث لا يستطيعون شراءه وأما الميرة فكثيرة الوجود لأنها تأتي من بر التبرك إليها ومن أرض العرب لا سيما إفريقية والغلاء والرخص جندان من جنود الله يضعهما الله حيث شاء فلا فائدة