أصحابه من زواوة إذ ترك غرارة مملوءة حوائج سقطت له حين أغارت الأعراب علينا فقلت له قد غررت بنفسك فلا بد أن أرجع معك فقال لي مكان قريب فقلت له ولا بد لأني لم أملك نفسي أن يرجع وحده فأخذت المكحلة من الأخ في الله سي محمد بن قسوم فذهبت معه فلما رآني سيدي محمد البهلولي ذهب معنا وكذا الأخ عاشور من أهل ابن ضيف الله ذهب معنا وظننا أن ذلك قريب فذهبنا مشرقين والركب مغرب إلى أن خفي علينا الركب بأميال كثيرة ومسافة بعيدة يستحيل الغوث فيها من الركب عادة فوجدنا الغرارة بما فيها ثم رأينا رجلا بعيدا عنا يحسبه الرائي انه حجر فوصلنا إليه فوجدناه مريضا فاخبرنا بان رجلا آخر بقي في منزل الركب مريضا فرجعنا إليه فرفعنا أحدهما على بغلتي والآخر على بغلة الشيخ سيدي أحمد الطيب وهما من زواوة ولم نصل إلى ذلك الموضع إلا بعد الضحى الأعلى فرجعنا فإذا الفرسان الذين سلبوا من الركب فتحولوا إلينا علما منهم أننا لا غوث لنا ولا حصن ولا مهرب سوى الله تعالى فتحولوا إلينا وداروا بنا دور الخاتم يمينا وشمالا ونحن واقفون ننتظر منهم الفوت (١) والتمكين فقلنا لبعضنا بعضا ليس إلا الموت ولا مهرب ولا حصن فهي سبخة عظيمة واسعة الأطراف خالية من الأحجار والشجر والمدر ذات الأرمال ومع ذلك فيها حرارة الشمس والحالة أنه لا ماء معنا وقد توقعنا مخائل الموت.
نعم الحاج عاشور عنده نحو السبعين وجها من البارود وكذا من الرصاص فقال لا تخلوا واضربوا قلنا لهم لا فائدة لكم عندنا ولا طائل يصاحبنا فنبهنا عليهم ليكفوا عنا وما زادهم ذلك إلا نفورا وتكبرا واستطالة فتوهموا أخذنا في سرعة فقلت له لا تسرعوا بالضرب فإن أحجموا عنا وتأخروا فيها ونعمت وإن بدءونا بالضرب فلا تضربوا إلا إذا اختلطوا معنا وهم أربعة عشر فارسا وما عندنا إلا ثلاث بنادق كبار
__________________
(١) في نسخة الموت.